تَوَهُّمًا مِنْهُ اِنْحِصَار الْمَشْهُور فِيهَا، وَالْحَقّ أَنَّ الْخَارِج عَنْ السَّبْعَة عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّل مَا يُخَالِف رَسْم الْمُصْحَف فَلَا شَكّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ، وَالثَّانِي مَا لَا يُخَالِف رَسْم الْمُصْحَف وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ أَيْضًا: الْأَوَّل مَا وَرَدَ مِنْ طَرِيق غَرِيبَة فَهَذَا مُلْحَق بِالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي مَا اُشْتُهِرَ عِنْد أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن الْقِرَاءَة بِهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَهَذَا لَا وَجْه لِلْمَنْعِ مِنْهُ كَقِرَاءَةِ يَعْقُوب وَأَبِي جَعْفَر وَغَيْرهمَا. ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ وَقَالَ: هُوَ أَوْلَى مَنْ يُعْتَمَد عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ فَقِيه مُحَدِّث مُقْرِئ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا التَّفْصِيل بِعَيْنِهِ وَارِدٌ فِي الرِّوَايَات عَنْ السَّبْعَة، فَإِنَّ عَنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ الشَّوَاذّ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَأْتِ إِلَّا مِنْ طَرِيق غَرِيبَة وَإِنْ اِشْتَهَرَتْ الْقِرَاءَة مِنْ ذَلِكَ الْمُنْفَرِد. وَكَذَا قَالَ أَبُو شَامَة. وَنَحْنُ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْقِرَاءَات الصَّحِيحَة إِلَيْهِمْ نُسِبَتْ وَعَنْهُمْ نُقِلَتْ فَلَا يَلْزَم أَنَّ جَمِيع مَا نُقِلَ عَنْهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَة، بَلْ فِيهِ الضَّعِيف لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَرْكَان الثَّلَاثَة: وَلِهَذَا تَرَى كُتُب الْمُصَنِّفِينَ مُخْتَلِفَة فِي ذَلِكَ، فَالِاعْتِمَاد فِي غَيْر ذَلِكَ عَلَى الضَّابِط الْمُتَّفَق عَلَيْهِ.
(فَصْل)
لَمْ أَقِف فِي شَيْء مِنْ طُرُق حَدِيث عُمَر عَلَى تَعْيِين الْأَحْرُف الَّتِي اِخْتَلَفَ فِيهَا عُمَر وَهِشَام مِنْ سُورَة الْفُرْقَان. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ فِيمَا حَكَاهُ اِبْنُ التِّين أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ السُّورَة عِنْد الْقُرَّاء خِلَاف فِيمَا يَنْقُص مِنْ خَطِّ الْمُصْحَف سِوَى قَوْله: (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا) وَقُرِئَ " سُرُجًا " جَمْع سِرَاج، قَالَ: وَبَاقِي مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَاف لَا يُخَالِف خَطَّ الْمُصَنِّف.
قُلْت: وَقَدْ تَتَبَّعَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ مَا اِخْتَلَفَ فِيهِ الْقُرَّاء مِنْ ذَلِكَ مِنْ لَدُنْ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ هَذِهِ السُّورَة، فَأَوْرَدْته مُلَخَّصًا وَزِدْت عَلَيْهِ قَدْر مَا ذَكَرَهُ وَزِيَادَة عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ تَعَقُّب عَلَى مَا حَكَاهُ اِبْنِ التِّين فِي سَبْعَة مَوَاضِع أَوْ أَكْثَرَ.
قَوْله: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَان) قَرَأَ أَبُو الْجَوْزَاء وَأَبُو السِّوَار " أَنْزَلَ " بِأَلِفٍ.
قَوْله: (عَلَى عَبْده) قَرَأَ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَعَاصِم الْجَحْدَرِيُّ " عَلَى عِبَاده " وَمُعَاذ أَبُو حَلِيمَة وَأَبُو نَهِيك " عَلَى عَبِيده ".
قَوْله: (وَقَالُوا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا) قَرَأَ طَلْحَة بْن مُصَرِّف وَرُوِيَتْ عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ بِضَمِّ الْمُثَنَّاة الْأُولَى وَكَسْر الثَّانِيَة مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَإِذَا اِبْتَدَأَ ضَمَّ أَوَّله.
قَوْله: (مَلَكَ فَيَكُون) قَرَأَ عَاصِم الْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو الْمُتَوَكِّل وَيَحْيَى بْن يَعْمُر " فَيَكُونُ " بِضَمِّ النُّون.
قَوْله: (أَوْ تَكُون لَهُ جَنَّة) قَرَأَ الْأَعْمَش وَأَبُو حُصَيْنٍ " يَكُون " بِالتَّحْتَانِيَّةِ.
قَوْله: (يَأْكُل مِنْهَا) قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ سِوَى عَاصِم " نَأْكُل " بِالنُّونِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَامِل عَنْ الْقَاسِم وَابْنِ سَعْد وَابْنِ مِقْسَم.
قَوْله: (وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه) قَرَأَ اِبْنِ مَسْعُود وَأَبُو نَهِيك وَعُمَر بْن ذَرّ " وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُوننَا ".
قَوْله: (حِجْرًا مَحْجُورًا) قَرَأَ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاك وَقَتَادَةُ وَأَبُو رَجَاء وَالْأَعْمَش " حِجْرًا " بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهِيَ لُغَة، وَحَكَى أَبُو الْبَقَاء الْفَتْح عَنْ بَعْض الْمِصْرِيِّينَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَقَلَهَا قِرَاءَة.
¥