ابن حبان في «كتاب الثقات» قد تسمع أن ابن حبان متساهل، لكن ليس كذلك (2)، هو في تعديل الرواة قد يكون في وصف من التساهل لكن في الاحتجاج بهم فهو ليس كذلك وضع شرائط يحتج بالراوي، فهو من حيث العدالة يتوسع ولكنه يحتاط في موضوع الضبط والإتقان، ولذلك تجد عنده تمييز للمتون في كتابه «الصحيح» كتاب معتمد ولا تكاد تجد أحاديث أنها ضعيفة أو ساقطة (3) في «صحيح ابن حبان»، فيقولون متساهل! لو طلب منهم الأدلة قد لا يجدون الأدلة تُذكر كافية في ذلك، أما أنه أخطأ في حديث أو حديثين أو عشر ليس شيء، أما الدليل والبرهان أنه متساهل ليس كذلك إلا شيء أنه [ ... ] حديث حسان صحاح».
قال الألباني: «وشرط ابن حبان في التوثيق فيه تساهل كثير، فإنه يوثق المجاهيل؛ مثل: ربيعة بن ناجد هذا الذي لم يرو عنه غير أبي صادق». [«السلسلة الصحيحة» (2/ 275)]
وقال: « .. إن ابن حبان متساهل في التوثيق، فإنه كثيراً ما يوثق المجهولين، حتى الذين يصرح هو نفسه أنه لا يدري من هو، ولا مَن أبوه! كما نقل ذلك ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي»، ومثله في التساهل الحاكم كما لا يخفى على المتضلع بعلم التراجم والرجال فقولهما عند التعارض لا يُقام له وزن، حتى ولو كان الجرح مبهماً، لم يُذكر له سبب, فكيف مع بيانه كما هو الحال في ابن صلاح هذا ?! فقد ضعفه ابن عدي .. » إلخ [«السلسلة الضعيفة» (1/ 80)]
وقال: « .. وأما ابن حبان فأوردهم في «الثقات» على قاعدته في توثيق المجهولين, ثم أخرج حديثهم في صحيحه كما ترى, فلا تغتر بذلك, فإنه قد شذ في ذلك عن التعريف الذي اتفق عليه جماهير المحدثين في الحديث الصحيح وهو: «ما رواه عدل, ضابط, عن مثله». فأين العدالة, وأين الضبط في مثل هؤلاء المجهولين، لاسيما وقد رووا منكراً من الحديث خالفوا به الصحيح الثابت عنه -صلى الله عليه وسلم- من غير طريق كما سيأتي بيانه، ولقد بدا لي شيء جديد يؤكد شذوذ ابن حبان المذكور ... » إلخ. [«السلسلة الضعيفة» (2/ 328)]
وقال: «إن الكلام الذي لا يقدح إنما يسلم لو قيل في رجل ثبت أنه ثقة, والأمر هنا ليس كذلك, لأن توثيق ابن حبان مما لا يوثق به عند التفرد كما هو الشأن هنا لما عرفت من تساهله فيه, فلذلك لا يقبل توثيقه هذا إذا لم يخالف ممن هو مثله في العلم بالجرح والتعديل, فكيف إذا كان مخالفه هو (الإمام البخاري) ? فكيف إذا كان مع ذلك هو نفسه يقول فيه كما تقدم: «يخطىء» ?!». [«السلسلة الضعيفة» (3/ 270)]
وقال: «ومن المعلوم تساهل ابن حبان في التوثيق كما نبهنا عليه مراراً, ولهذا نرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين لا يحتجون بمن يتفرد ابن حبان بتوثيقه, ولا يوثقونه». [«السلسلة الضعيفة» (3/ 266)]
وقال: «وتوثيق ابن حبان لا يعتمد عليه؛ كما سبق التنبيه عليه مراراً وبخاصة إذا خُولِف!» [«السلسلة الضعيفة» (1/ 301)، وانظر على سبيل المثال: (2/ 300، 321، 396)، (3/ 247)، (4/ 142، 210، 289، 294، 309، 324، (5/ 22، 26، 69، 73، 83، 122، 133، 277، 403، 448، 519،)، (10/ 465، 472، 649، 676)، (12/ 764)]
وقال –رحمه الله- تحت حديث باطل، أخرجه ابن حبان! -: «لو أن ابن حبان أورده في كتابه ساكتاً عليه كما هو غالب عادته لما جاز الاعتماد عليه؛ لما عرف عنه من التساهل في التوثيق، فكيف وهو قد وصفه بقوله: (يخطئ ويخالف)، وليت شعري مَن كان هذا وصفه، فكيف يكون ثقة، ويُخرّج حديثه في «الصحيح» ?!». [«السلسلة الضعيفة» (1/ 316)]
ونقل عن ابن حبان في ترجمة رجل: «كان سيئ الحفظ، كثير الوهم، ممن يرفع المراسيل ولا يعلم، ويسند الموقوف ولا يفهم، فلما كثر ذلك منه في حديثه؛ صار ساقط الاحتجاج به اذا انفرد».
ثم قال الشيخ الألباني –مباشرة-: «وهو القائل في ترجمة أحد «ضعفائه» (1/ 327 - 328): «والشيخ إذا لم يرو عنه ثقة؛ فهو مجهول، لا يجوز الاحتجاج به ... » (!).
وقد أخل بهذا الشرط كثيراً في «ثقاته»، في عشرات المترجمين عنده وهذا منهم، وهذه فائدة مهمة قل من يعرفها؛ فتنبه لها! لتكون على بينة بخطأ بعض الناشئين الذين يعتدون بتوثيق ابن حبان، ويتطاولون على الحفاظ الذين نسبوه إلى التساهل، مثل: الذهبي والعسقلاني وغيرهما». [«السلسلة الضعيفة» (14/ 538)]
¥