مثل قول: (البخاري) باب ما يذكر في الفخذ، ويروى عن ابن عباس وجَرهَد ومحمد بن جحش عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الفخذ عورة)).
(17) وقوله في أول باب من أبواب الغسل: وقال بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم: ((الله أحق أن يستحي منه)).
فهذا قطعاً ليس من شرطه، ولذلك لم يورده (الحميدي) في جمعه بين الصحيحين، فاعلم ذلك فإنه مهم خافٍ، والله أعلم.
السابعة: وإذا انتهى الأمر في معرفة الصحيح إلى ما خرجه الأئمة في تصانيفهم الكافلة ببيان ذلك - كما سبق ذكره - فالحاجة ماسة إلى التنبيه على أقسامه باعتبار ذلك.
فأولهما: صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعاً.
الثاني: صحيح انفرد به البخاري، أي عن مسلم.
الثالث: صحيح انفرد به مسلم، أي عن البخاري.
الرابع: صحيح على شرطهما، لم يخرجاه.
الخامس: صحيح على شرط البخاري، لم يخرجه.
السادس: صحيح على شرط مسلم، لم يخرجه.
السابع: صحيح عند غيرهما، وليس على شرط واحد منهما.
هذه أمهات أقسامه، وأعلاها الأول، وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيراً: صحيح متفق عليه. يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم، لا اتفاق الأمة (18) عليه. لكن اتفاق الأئمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول.
وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به. خلافاً لقول من نفى ذلك، محتجاً بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ.
وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قوياً، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ. والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ، ولهذا كان الإجماع المبتني على الاجتهاد حجة مقطوعاً بها، وأكثر إجماعات العلماء كذلك.
وهذه نكتة نفيسة نافعة، ومن فوائدها: القول بأن ما انفرد به (البخاري) أو (مسلم) مندرج في قبيل ما يقطع بصحته، لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ، (كالدارقطني) وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن، والله أعلم.
الثامنة: إذا ظهر بما قدمناه انحصار طريق معرفة الصحيح والحسن الآن في مراجعة الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة، فسبيل من أراد العمل أو الاحتجاج بذلك - إذا كان ممن يسوغ له العمل بالحديث، أو الاحتجاج به لدى مذهب - أن يرجع إلى أصل قد قابله هو أو ثقة غيره بأصول صحيحة متعددة، مروية بروايات متنوعة، ليحصل له بذلك- مع اشتهار هذه الكتب وبعدها عن أن تقصد بالتبديل والتحريف - الثقة بصحة ما اتفقت عليه تلك الأصول، والله أعلم
http://www.m5zn.com/uploads/0d0b505087.gif
ـ[أمل*]ــــــــ[04 - Oct-2007, مساء 10:22]ـ
بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو فاطمة مسلم]ــــــــ[04 - Oct-2007, مساء 11:03]ـ
السلام عليكم
*1* النوع الثاني: معرفة الحسن من الحديث
روينا عن (أبي سليمان الخطابي) - رحمه الله - أنه قال بعد حكايته أن الحديث عند أهله ينقسم إلى الأقسام الثلاثة التي قدمنا ذكرها: الحسن: ما عرف مخرجه واشتهر رجاله. قال: وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء.
وروينا عن (أبي عيسى الترمذي) رضي الله عنه أنه يريد بالحسن: أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون حديثاً شاذاً، ويروى من غير وجه نحو ذلك.
وقال بعض المتأخرين: الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن، ويصلح للعمل به.
قلت: كل هذا مستبهم لا يشفي الغليل، وليس فيما ذكره (الترمذي) و (الخطابي) ما يفصل الحسن من الصحيح. وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث، جامعاً بين أطراف كلامهم، ملاحظاً مواقع استعمالهم، فتنقَّح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان:
¥