مقدمة إبن الصلاح:"النوع الأول من أنواع علوم الحديث: معرفة الصحيح من الحديث"

ـ[أبو فاطمة مسلم]ــــــــ[03 - Oct-2007, مساء 11:34]ـ

السلام عليكم:هذه أول مشاركة لي و أردت أن أستهلها بأجل العلوم و أنفعها بعدكتاب الله عز وجل وهو علم الحديث وهذه مقدمة ابن الصلاح رحمه الله و سننقاها أن شاء الله تباعا

اعلم- علمك الله وإياي - أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف:

أما الحديث الصحيح: فهو الحديث المسند، الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذاً، ولا معللاً.

وفي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل، والمنقطع، والمعضل، والشاذ، وما فيه علة قادحة، وما في راويه نوع جرح. وهذه أنواع يأتي ذكرها إن شاء الله تبارك وتعالى.

فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث. وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف فيه، أو: لاختلافهم في اشتراط بعض هذه الأوصاف، كما في المرسل.

ومتى قالوا: هذا حديث صحيح، فمعناه: أنه اتصل سنده مع سائر الأوصاف المذكورة. وليس من شرطه أن يكون مقطوعاً به في نفس الأمر، إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد، وليس من الأخبار التي أجمعت الأمة على تلقيها بالقبول.

وكذلك إذا قالوا في حديث: إنه غير صحيح، فليس ذلك قطعاً بأنه كذب في نفس الأمر، إذ قد يكون صدقاً في نفس الأمر، وإنما المراد به: أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور، والله أعلم.

*2* فوائد مهمة (10):

إحداها: الصحيح يتنوع إلى متفق عليه، ومختلف فيه، كما سبق ذكره. ويتنوع إلى مشهور، وغريب، وبين ذلك.

ثم إن درجات الصحيح تتفاوت في القوة بحسب تمكن الحديث من الصفات المذكورة التي تبتنى الصحة عليها. وتنقسم باعتبار ذلك إلى أقسام يستعصي إحصاؤها على العاد الحاصر. ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق. على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك، فاضطربت أقوالهم.

فروينا عن (إسحاق بن راهويه) أنه قال: أصح الأسانيد كلها: الزهري، عن سالم، عن أبيه. وروينا نحوه عن (أحمد بن حنبل).

وروينا عن (عمرو بن علي الفلاس) أنه قال: أصح الأسانيد: محمد بن سيرين، عن عَبيِدة، عن علي. وروينا نحوه عن (علي بن المديني). روي ذلك عن غيرهما.

ثم منهم من عَّين الراوي عن محمد، وجعله أيوب السختياني. ومنهم من جعله ابن عون.

وفيما نرويه عن (يحيى بن معين) أنه قال: أجودها: الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.

وروينا عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: أصح الأسانيد كلها: الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي.

وروينا عن (أبي عبد الله البخاري) - صاحب الصحيح - أنه قال: أصح الأسانيد كلها: مالك، عن نافع، عن ابن عمر. وبنى الإمام (أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي) على ذلك: أن أجلّ الأسانيد الشافعي، عن مالك، عن نافع، (11) عن ابن عمر، واحتج بإجماع أصحاب الحديث على أنه: لم يكن في الرواة عن مالك أجلُّ من الشافعي، رضي الله عنهم أجمعين، والله أعلم.

الثانية: إذا وجدنا فيما نروي من أجزاء الحديث وغيرها حديثاً صحيح الإسناد، ولم نجده في أحد الصحيحين، ولا منصوصاً على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة، فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته، فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد، لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه، عريِّاً عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان. فآل الأمر إذاً - في معرفة الصحيح والحسن - إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتدة المشهورة، التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف، وصار معظم المقصود - بما يتداول من الأسانيد خارجاً عن ذلك - إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة، زادها الله تعالى شرفاً، آمين.

الثالثة: أول من صنف الصحيح (البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي)، مولاهم. وتلاه (أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري)، من أنفسهم. و (مسلم) - مع أنه أخذ عن (البخاري) واستفاد منه - يشاركه في أكثر شيوخه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015