ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - Mar-2008, مساء 04:43]ـ
وفقك الله يا أخي الكريم
فرق كبير بين أن تقول بقول لم يقل، وبين أن تقول: إن كل ما قيل باطل، ولا علاقة له البتة بالآية.
فتأمل.
وقد ورد ذلك أيضا عن ابن عباس والسدي، وليست المشكلة فيمن ورد عنه، ولكن هل ورد عن غيرهم خلافه؟!
انظر مثلا إلى زاد المسير لابن الجوزي، ومعلوم عنايته بذكر الأقوال المختلفة حتى ولو كانت شاذة، لم يذكر في هذه الآية إلا هذا القول وحده!! وكذلك الطبري وكذلك غيره كثير من المفسرين.
ثم إن جميع هذه الاعتراضات التي ذكرتها واردة على كل إجماع في الوجود، فهل تلتزم ذلك؟
اعلم أنه ما أُتِيَ صاحبُ هذا القول وما شابهه من الأقوال الشاذة إلا من قبل أمثال هذه الاعتراضات، فحاول أن تطبق هذه الاعتراضات نفسها على باقي المسائل الشرعية وانظر إلى أي مدى قد تؤول بك.
واعلم أنه يمكنني أن أجيب عن كلامك تفصيلا، وقد سبق نظيره في مناقشات منكري الإجماع.
ولكن لا حاجة لذلك؛ لأني لا أحسبك ممن ينكرون الإجماع.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - Mar-2008, مساء 04:53]ـ
أخبرني بالله عليك لو لم يجز لنا أن نقول إلا ما قيل ونقل فكيف بقوله تعالى: "ولعلهم يتفكرون" وجعل ذلك من حكمة إنزال القرآن!
التفكر نوعان:
- تفكر في الحكمة والاتعاظ والعبرة والمآل، فهذا مطلوب من المؤمن ليوصله إلى اليقين بشرع الله عز وجل، وليزداد به إيمانا. ومن هذا الباب أيضا أن تستنبط من النصوص معاني لم يستنبطها أحد قبلك، ولكنها تؤيد المعروف من الأحكام الشرعية ولا تخالفه؛ لأنه من المعلوم أن ذكر الدليل الدال على المدلول لا يستلزم عدم وجود دليل آخر يدل عليه، بل في هذا يتفاضل العلماء.
- تفكر في استنباط الحكم الشرعي والوصول إلى حكم الله عز وجل ومراده، ومن المعلوم أن حكم الله واحد لا يتعدد، وإصابة المجتهد معناها موافقة اجتهاده لحكم الله عز وجل.
فإذا أجزنا للمتأخر في هذا الباب أن يقول بقول لم يقل فهذا معناه أحد أمرين:
- إما أننا نجيز لهذا المتأخر أن يخالف الصواب، ولا شك أن هذا باطل.
- وإما أننا نقول بأن هذا الصواب قد فات السابقين ولم يهتد إليه أحد إلا هذا المتأخر، وهذا معناه أن الأمة في السابق كانت مجتمعة على باطل، ولا شك أن هذا باطل.
والتفريق بين هذين النوعين مهم جدا، ولذلك تجد أكثر العلماء لا يجيزون إحداث قول جديد لم يقل به أحد، ولكن أكثر العلماء أيضا على جواز إحداث دليل جديد لم يستدل به أحد على مدلول صحيح معروف بأدلة أخرى.