ومن هنا فهُم في حذرٍ من الولوجِ في نشر الإشاعات العارية عن الصّحّة، وفي بُعدٍ عن بَثِّ الأخبار الخاليةِ عن الحقيقة؛ لأنهم يَسمَعون قولَ ربهم جلّ وعلا: ( http://www.kulalsalafiyeen.com/images/start-icon.gif إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) http://www.kulalsalafiyeen.com/images/end-icon.gif[ النور: 19]. قال أهل العلم: "وهذا فيمن أحبَّ إِشاعتها وإذاعَتَها، فكيف بمن تولَّى كِبر ذلك؟! ".

فعليكم -إخوةَ الإسلام- البُعد عن اللغو بأنواعه والفُحشِ بشتى صوره، ومن ذلك التسارعُ في شتم أعراض المسلمين والقدح في أديانهم وأمانتهم بغير حقٍّ ولا برهان، فربُّنا جلّ وعلا يقول في حقِّ المفلحين: ( http://www.kulalsalafiyeen.com/images/start-icon.gif وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) http://www.kulalsalafiyeen.com/images/end-icon.gif[ المؤمنون: 3]، ويقول: ( http://www.kulalsalafiyeen.com/images/start-icon.gif وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) http://www.kulalsalafiyeen.com/images/end-icon.gif[ القصص: 55].

إنَّ إصدار الأحكامِ على أحدٍ من المسلِمين بدون بيانِ أسبابٍ شرعيّة ولا حُجج قطعية ولا براهين صحيحة ولا أدلةٍ واضحة أمرٌ قبيحٌ في الإسلامِ، يُسبِّب الشرَّ الخطير، ويُحدِثُ البلاء الكبير.

ومن حادَ عن تلك الأصول العلمية والقواعد الشرعية العالية فقد وقع في اللَّجَج الباطل والحمق الممجوج، وصار همَّازًا لمَّازًا، مُتحاملاً على المسلمين، مُنحرفًا عن الجادّة، تاركًا للإنصاف.

واعلم -أيها المُنتقِد- أنَّ أعراض المسلمين حفرةٌ من حُفر النار، كما قال التقيُّ ابن دقيق العيد، فإياك أن تقف على شَفيرها.

واعلم أنّك إن جَرحتَ مسلمًا بغير تثبُّت ولا تحرُّز أقدَمتَ على الطعن في مسلمٍ بريءٍ من ذلك، ووسَمْتَه بميسَم سوءٍ سيَبقى عليه عارُه أبدًا، ويبقى عليك إثمُه أبدًا.

ولهذا؛ فإنّ أشدَّ أنواع الغِيبة وأضرَّها على أهلها وأشرّها وأكثرها بلاءً وعقابًا أن يتساهل المرء بما تخُطُّه يمينه بما لا سنَدَ له ولا مُعتمَد، بل بجهلٍ مُفرِطٍ في الحقائق وغلوٍّ زائدٍ في إساءة الظنّ بالمسلم، فيقرؤه حينئذٍ الملأ، ويشهد عليك أهل الأرض والسماء بما كتبتَ.

فتذكَّر -يا من تقع في ذلك- ما ورد في (الصحيحين) عن المعصوم http://www.kulalsalafiyeen.com/images/salla-icon.gif أنه قال: ((إنَّ الرجل ليتكلَّم بالكلمة ما يتبيَّن فيها يزِلُّ بها في النّار أبعدَ ما بين المشرقِ والمغرب)).

وليتذكَّر المسلم أنَّ الله سائلُه عن سمعِه وبَصَره وفؤاده، وعمّا قاله، اعلم أن الله رقيبٌ عليك، شهيدٌ على فِعلك وقولك.

واعلم أن الحقَّ في الدنيا وفي الآخرة في انتصارٍ وعلوٍّ وازدِياد، والباطل في انخفاضٍ وسَفالٍ ونَفاد، والبُهت والزّور وإن علا وارتَفَعَ في الآفاق وشاع بين المسلمين فهو آخِذٌ صاحِبَه إلى الهاوية، ومُردٍ به إلى سوء العاقبة في الدنيا والآخرة.

فعلينا - جميعًا- الالتزامُ بالمعيار الشرعي الذي جاء به نبيُّنا محمّد http://www.kulalsalafiyeen.com/images/salla-icon.gif، جاء به في كلّ شيء، وفي الأخبار، وعلينا جميعًا مراعاةُ العزيز الجبار.

قال الإمام أحمد: "ما رأيتُ أحدًا تكلَّم في الناس وعابَهم إلا سقَط".

وليتذكَّر من أطلَقَ قَلمَه أو لسانَه في التجريح والقَدح بكلامٍ لا يستند على مأخذ، بل على جهلٍ بالحال وعدمِ تصوُّرٍ للواقع، أنه بهذا قد بغى وظلَم، فليخشَ على نفسه من دعوةٍ تَسرِي بليلٍ وهو عنها غافِل، فقد قال http://www.kulalsalafiyeen.com/images/salla-icon.gif: (( واتَّق دعوةَ المظلوم؛ فإنه ليس بينها وَبينَ الله حجاب)).

وصدق القائل:

قضى الله أنَّ البغْي يصرعُ أهلَه ******* وإنّ على الباغي تدور الدوائر

بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الهدى والفرقان.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.

http://www.kulalsalafiyeen.com/images/small-white-h-line.gif الخطبة الثانية

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له ربُّ العالمين، وأشهد أنَّ سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبده ورسوله سيِّد الأوّلين والآخرين، اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أمّا بعد:

فيا أيّها المسلمون، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله جلّ وعلا في السّرِّ والعلن، ظاهرًا وباطنًا، قولاً وفعلاً.

أيّها المسلم، إنَّ السعادةَ عند كلِّ فِتنة العملُ بقول النبيِّ http://www.kulalsalafiyeen.com/images/salla-icon.gif: (( أمسِك عليك لسانك، وليَسَعك بيتُك، وابكِ على خطيئتك)).

روى ابن سعد في (الطبقات) عن مُطرِّف بن عبد الله بن الشخِّير قال: لبِثتُ في فتنةِ ابن الزبير سبعَ سنين ما خبَّرتُ ولا استخبَرتُ وما سلِمت؛ فكيف -أيها المسلم- بمن خاضَ مع الخائضين وتناول أعراض المسلمين؟!

وإذا سمعتَ مَن يُشنِّع على مسلِم فلا تُصدِّقه، بل تثبَّت وتروَّ وتحرَّ الحقَّ وتوخَّ الصّدق، ولا تكن عونًا في نَشرِ الشائعات المُغرِضة والأخبار الواهية، ففي الحديث عن النبيِّ http://www.kulalsalafiyeen.com/images/salla-icon.gif: (( كفى بالمرء إثمًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سمِع)) رواه مسلم.

ثم إنَّ الله جلّ وعلا أمرنا بأمرٍ عظيم، ألا هو الإكثارُ من الصلاة والتسليم على النبيِّ الكريم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015