وزاد ابن رجب في " فضل علم السلف على الخلف " سبباً خامساً مهماً وهو ترك اتباع السلف وإحداث أقوال خلاف أقوالهم، فقال ص44: وليكن الإنسان على حذر مما حدث بعدهم، فإنه حدث بعدهم حوادث كثيرة وحدث من انتسب إلى متابعة السنة والحديث من الظاهرية ونحوهم وهو أشد مخالفة لها لشذوذه عن الأئمة وانفراده عنهم بفهم يفهمه أو يأخذ ما لم يأخذ به الأئمة من قبله. ا. هـ
ويزاد على ذلك سببٌ سادسٌ وهو توسعهم في العموم. لذا قال الإمام ابن تيمية في الظاهرية في كتابه " منهاج السنة " (5/ 178): وكذلك أهل الظاهر كل قول انفردوا به عن سائر الأمة فهو خطأ. ا. هـ
وإذا أردت أن تقف على إنكار أئمة السنة على داود الظاهري مذهبه الفقهي فطالع ترجمته في " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم وهي موجودة في " لسان الميزان" لابن حجر فلا أدري كيف يرضى من جعل السلف الصالح قدوته منهج داود بن علي الظاهري والظاهرية كابن حزم.
التنبيه الثامن/إن من أوتي همة وفهماً الأحرى به أن يستغل عمره وحياته وأنفاسه في تحصيل العلم الذي هو ميراث الأنبياء، يا له من تضييع فرصة عظيمة كان بالإمكان تداركها وتحصيلها ألا وهو طلب العلم لمن كان قادراً مهيئاً.
وأشد من هذا تضييعاً وتفويتاً للفرصة أن يكسل في طلب العلم من حصل كثيراً من العلم وأصل نفسه، قال الإمام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/ 110): وأعظم النقص وأشد الحسرة نقص القادر على التمام وحسرته على تقويته، كما قال بعض السلف: إذا كثرت طرق الخير كان الخارج منها أشد حسرة، وصدق القائل:
ولم أر في عيوب الناس عيباً ... كنقص القادرين على التمام
فثبت أنه لا شيء أقبح بالإنسان من أن يكون غافلاً عن الفضائل الدينية والعلوم النافعة والأعمال الصالحة، فمن كان كذلك فهو من الهمج الرعاع الذين يكدرون الماء ويغلون الأسعار إن عاش عاش غير حميد، وإن مات مات غير فقيد فقدهم راحة للبلاد والعباد، ولا تبكي عليهم السماء، ولا تستوحش لهم الغبراء ا. هـ
التنبيه التاسع/أدعو نفسي وإخواني إلى استغلال الأوقات والتجمعات في إثارة مسائل العلم وتذاكرها حتى تصير مجالسنا مجالس علم مع عدم إغفال تذاكر أحوال المخالفين ليجتنبوا وتزداد بغضاؤهم.
فإن مما تمايز به مشايخ السلفيين وطلابهم العناية بالعلم تعلماً وتعليماً وإقامة الدروس وحفظ القرآن والحديث ومتون العلم في التوحيد وغير ذلك، فدوموا على ذلك أيها السلفيون واجعلوا دراسة العلم شعاركم ومذاكرته دأبكم.
أسأل الله أن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ودعوة إليهما وصبراً على الأذى فيه إنه ولي ذلك.
وجزاكم الله خيراً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه
عبد العزيز بن ريس الريس
المشرف على موقع الإسلام العتيق
24/ 2 / 1431 هـ