عندما تقرأ مثل هذه المتون وتحفظها وتضبطها، وتقرأ شروح كثيرة لها، تجد أنك استوعبت شيئاً كثيراً في زمن قصير، هذه فائدة المتون أيها الأحبة"
وقد كتب الدكتور عائض القرني - وفقه الله للصواب - مقالا في إحدى الصحف بعنوان (مهزلة حفظ المتون)
هاجم فيه أدب حفظ المتون الذي يوصي به العلماء خلفا عن سلف، وله مقالات سابقة في نفس الموضوع، ولنا أن نسأل الشيخ عائض: إذا كان حفظ متن الطحاوية، وألفية السيوطي، وألفية العراقي، وزاد المستقنع، ومختصر خليل - إذا كان ذلك "مهزلة" فماذا يكون هذّ الشعر؟ وترديد أقوال كسنجر ومسنجر؟ أليست هي الأولى بهذا الوصف!! ثم إن قارئ مقالك يا شيخ عائض ليتصور بأنّ الأمة اليوم قد انشغلت بهذه المتون في ليلها ونهارها، ونحن نعلم أنّ العاكفين على حفظ المتون نفر يسير من الموفّقين، فلسنا بحاجة لتثبيط الهمم أكثر مما نحن فيه.
وفي هذا السياق كتب الأخ (أمجد الفلسطيني) أحد أعضاء ملتقى أهل الحديث ردّا رصينا على أحد مقالات الدكتور عائض في إحدى الصحف بعنوان (نقد التعليم الديني) هاجم فيه حفظ المتون،
الرد:
قال الشيخ عائض:
والخطأ فيها من وجهين:
الأول: تجريدها من النصوص كتاباً وسنة، لأن المقصود الاستدلال لها بدليل شرعي لا الاستدلال بها هي مجردةً من الدليل.
ليس المقصود الاستدلال لها ولا الاستدلال بها فمرحلة الاستدلال لم تأت بعد
المقصود من وضع هذه المتون تصوير المسائل للمبتديء (وهو أهمها) ومعرفة حكمها وضبط مسائل الباب والتفريع على الأصول وضم النظير إلى نظيره
فإذا أتقن المتفقه ذلك انتقل إلى شرح لهذا المتن يُستدل فيه على تلك المسائل _التي تصورها وضبطها_ بالكتاب والسنة
لأن الفقه مراحل فكما أن العلم لا يأخذ جملة (وهذا محل اتفاق) فكذا الفقه لا يأخذ جملة
فأول مراحله تصور مسائله وضبطها ومعرفة كليات الأبواب وبعض الفروع المندرجة تحتها مع معرفة حكمها
وهذه المرحلة أهم مراحل الفقه
فكم رأينا من يتكلم في بعض المسائل كبيع العينة وبعض المسائل في الربا ويذكر خلاف العلماء وأدلتهم ويرجح ويناقش وهو بعد لم يتصور المسألة التصور الصحيح
فتراه يدخل فيها ما ليس منها ويخرج منها ما هو من جنسها ومثلها
وثاني مراحله معرفة دليل حكم كل مسألة على مذهب من مذاهب العلماء المشهود لهم بالإمامة
وثالثها معرفة الخلاف بين علماء المذهب وضبطه وإتقانه
ورابعها معرفة خلاف علماء الإسلام (الفقه المقارن)
وإذ شرع في تعلم الخلاف فلا بد من معرفته بمواطن الإجماع قبل ذلك
فاتضح مما سبق أن القوم لم يفهموا مراد العلماء من وضع هذه الاختصارات
فمرادهم من وضعها هو تأصيل المبتديء في المرحلة الأولى من مراحل الفقه المتقدم ذكرها
أما الأدلة والحجج والبراهين فلها كتبها المصنفة لها الموضوعة من أجلها
وهذه الكتب موجودة في كل مذهب مما لا يخفى معرفة أسمائها على المبتديء في الطلب
قال:
الثاني: فَهِم الكثير أن هذه الآراء الفقهية قاطعة راجحة وما سواها باطل، فحصل التعصب للمذهب والبعد عن الدليل
لم يفهم هذا الكثير بل القليل وعلى التسليم فالتعصب في هذا الزمن للمذاهب أقل منه في الأزمنة الغابرة بكثير بينما التعصب للمشايخ المعاصرين هو الداء السائد وعلى التسليم فالتعصب خلل في المتعصب لا في المتون فهو وظفها في غير ما وضعت له ولم يكن هذا مقصد واضعها قط
فينبغي معرفة موطن الخلل ثم تصحيحه
والخلل هو خطأ المتعصب في فهم هذه المتون والمراد من وضعها
ولذلك نرى التعصب في بعض الظاهرية وفي أدعياء السلفية وفي بعض السلفيين لمشايخهم في المسائل الفقهية وغيرها وهم ممن ابتعد عن هذه المتون ونبذها
قال:
فحينما تطالع مثلاً أول زاد المستقنع تجد عبارة (وأقسام المياه ثلاثة) وهذا خطأ بل هما قسمان فقط، ثم يقول: (وإذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة صلى بعددها وزاد صلاة) يعني أن من عنده عشرين ثوباً فعند الاشتباه يصلي إحدى وعشرين صلاة وهذا خطأ بل عليه أن يتحرى
غريب جدا فالجمهور على خلاف هذا التقسيم
ثم هو خطأ عند من؟؟ والراجح عند من؟؟
ثم على التسليم أن هذا التقسيم خطأ فأين الدليل على اقصاء هذه المتون حفاظها ودارسيها عن الدليل؟؟
¥