وعلى هذا النحو مر السلف الصالح في بث الشريعة للمؤالف والمخالف، ومن نظر في استدلالهم على اثبات الأحكام التكليفية علم أنهم قصدوا أيسر الطرق وأقربها إلى عقول الطالبين لكن من غير ترتيب متكلف ولانظم مؤلف بل كانوا يلقون الكلام على عواهنه، ولايبالون كيف وقع في ترتيبه إذا كان قريب المأخذ سهل الملتمس.

==============

وقد قرر الشاطبي رحمه الله في آخر هذه المقدمة أن هذا المسلك في نشر العلم هو بخلاف وضع التعليم كما هو كذلك في الافتاء.

وقد وجدت هذه الطريقة التي ذكرها الشاطبي رحمه الله = موجودة في بعض دروس طلاب العلم المتفننين الذين يكثرون التعمق في بث العلم على وجوه كثيرة منها هذا الوجه دون مراعاة لحال المتلقين ولا نظر في مداركهم، حتى إن بعضهم يعرف الكلمات الظاهرة التي تمر به في المتن فلايدع كلمة إلا عرفها أو أشار إليها حتى يخرج عن مقصود الماتن إلى جمل لايحتاجها المتعلم أو تتأخر حاجته عن هذا الموضع إلى زمن لاحق قد لايتعجل له، وقد يلزم المتعلم بحفظ تعريفه الذي انتهى هو إليه ثم يغير تعريفه في درس آخر إن بدا له أن تعريفه كان على غير ماشرطه أرباب الحدود، وقد وقع هذا لي في بعض مراحل العمر مع هذا الصنف حتى حفظت من تعريفات هذا النوع مالم أجده بعد إلا عنده.

وهذا وإن رام نفع الناس، وحسنت منه النية، واستحق مايتيسر له على ألسنة المتلقين من الحمد بقدر حرصه إلا أنه مسلك غير مرضي، وهو إلى صناعة البلاهة اقرب منه إلى بناء الفهم، وتوسيع المدارك، وحفظ العلم، وربما كان الحامل عليه هوى خفي لايسلم منه إلا من سلمه الله وعصمه.

وأبعد من هذا في الجناية على المتعلم أن يضع المعلم - لحاجة في نفسه - بعض المعايير الذاتية في تقييم علم غيره أو صلاحه أو دعوته أو منهجه أو غيرذلك.

فمن ذلك أن أحد طلاب العلم - وفقه الله - سئل عن كتاب في العلم لامرأة أحسبها موفقة، وأحسب كتابها كذلك، فقال بعد أن هز الكتاب في يده: هذا الكتاب لايساوي فلسا، وهو يصلح لأخواتها من النساء.!

وهو تعليق مفيد للمتوسطين على القواعد المثلى للعلامة ابن عثيمين، فتأملت السبب الحامل له على هذا البغي في الحكم، فوجدت لهذه المرأة وفقها الله كتابا آخر قدم له رجل له قدم صدق في الدعوة والخير لم يكن ذاك براض عن علمه - لمعاييره الخاصة في العلم - فسحب الحكم على صاحبة الكتاب معه.

وهذا وغيره له من النظائر مايضيق المحل عنه، وللحديث صلة بعون الله في حقيقة الاخلاص في العلم ومراتبه ودرجاته من كلام الشاطبي رحمه الله، والله الموفق.

ـ[سعود بن مقبل]ــــــــ[30 - Jun-2007, مساء 05:35]ـ

أهلاً بالشيخ عادل

أسأل الله لك التوفيق والسدد.

ـ[عادل المرشدي]ــــــــ[30 - Jun-2007, مساء 07:49]ـ

مرحبا بالأخ الأوفى والخالصة الأصفى أبي يزيد

ثبتك الله وحفظك، وفي هذا الرابط مايفيد:

http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=2674

طور بواسطة نورين ميديا © 2015