ما أقبح الرجل يتعاطى العلم خمسين سنة لا يعرف إلا فنا واحدا

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[05 - Jun-2007, مساء 06:13]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذه قصة طريفة أعجبتني ذكرها الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ فقال:

أخبرنا الحسين بن محمد أخو الخلال حدثنا الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بالري أخبرنا عبد الله بن محمد الإيجي حدثنا محمد بن الحسن الأزدي أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال:

ورد علينا عامل من أهل الكوفة لم أر في عمال السلطان بالبصرة أبرع منه، فدخلت مُسلِّما عليه، فقال لي: يا سجستاني من علماؤكم بالبصرة؟

قلت: الزيادي أعلمنا بعلم الأصمعي،

والمازني أعلمنا بالنحو،

وهلال الرأي أفقهنا،

والشاذكوني من أعلمنا بالحديث،

وأنا رحمك الله أُنسب إلى علم القرآن،

وابن الكلبي من أكتبنا للشروط،

قال: فقال لكاتبه: إذا كان غد فاجمعهم إلي،

قال: فجمعنا، فقال: أيكم المازني؟ قال أبو عثمان: هأنذا يرحمك الله،

قال: هل يجزئ في كفارة الظهار عتق عبد أعور؟

فقال المازني: لست صاحب فقه ـ رحمك الله ـ أنا صاحب عربية،

فقال يا زيادي: كيف يكتب بين رجل وامرأة خالعها على الثلث من صداقها؟

قال: ليس هذا من علمي هذا من علم هلال الرأي،

قال يا هلال: كم أسند ابن عون عن الحسن؟

قال: ليس هذا من علمي هذا من علم الشاذكوني،

قال: يا شاذكوني من قرأ (يثنوني صدورهم)؟

قال: ليس هذا من علمي هذا من علم أبي حاتم،

قال يا أبا حاتم: كيف تكتب كتابا إلى أمير المؤمنين تصف فيه خصاصة أهل البصرة، وما أصابهم في الثمرة، وتسأله لهم النظر والنظرة؟

قال: لست ـ رحمك الله ـ صاحب بلاغة، وكتابه أنا صاحب قرآن،

فقال:

ما أقبح الرجل يتعاطى العلم خمسين سنة لا يعرف إلا فنا واحدا، حتى إذا سئل عن غيره لم يجل فيه ولم يمر، ولكن عالمنا بالكوفةِ الكسائي لو سئل عن كل هذا لأجاب.

تاريخ بغداد 11/ 407، وذكرها ابن الجوزي في كتاب الأذكياء ص89 والمنتظم172/ 9، وابن خلكان في وفيات الأعيان 2/ 432.

فليكن لنا معشر الأحبة عبرة من هذه القصة، ولا يعمد أحدنا إلى فن واحد يفني فيه كل وقته، أو معظمه، ثم هو بعد ذلك لن يحيط به!

فما أجمل بطالب العلم أن يكون مطلعا على أكثر الفنون كـ: القرآن وعلومه، والحديث وعلومه، والعقيدة والمذاهب، والفقه وأصوله وقواعده، والعربية بفنونها المختلفة، والتاريخ وأخبار وسير الأوائل، والسلوك والزهد والآداب وغيرها.

ولا يعني هذا نبذ التخصص؛ بل كما قيل:

خذ علماً مِنْ كلِ علم ** ومن علمٍ كل علمِ

ومما يلاحظ على كثير من طلبة العلم اليوم (التقوقع) في فن من العلم؛ بل ربما جزء منه، وبعضهم حصّل عددا من الشهادات العليا، وهو في غير تخصصه كصغار طلبة العلم المبتدئين؛ بل ربما لا أبالغ إن قلت: كعامة المسلمين!

ـ[آل عامر]ــــــــ[05 - Jun-2007, مساء 06:36]ـ

صدقت شيخنا الكريم

والله لقد ذهبت إلى أحد المشايخ لأقرأ عليه كتابا من كتب الحديث وفي مرة سئلته عن

مسألة فقهيه فقال اسئل أهل الفقه علما أنه لايجارى في علم الرجال وله في هذا الفن قرابة العشرين سنة

فقلت ياشيخ ما فائدة هذا العلم إن خفيت عليك مثل هذه المسئلة فكان هذا السؤال سبب لل ....

ومع ذلك نقول أن الشخص قد يبدع في فن دون غيره وهذا ملاحظ في كثير من العلماء

ولكن لا يعرف غيره فهذه طامة لا تليق بطالب علم

ـ[سعود بن مقبل]ــــــــ[05 - Jun-2007, مساء 07:20]ـ

كلام رائع

جزاك الله خيراً

ـ[ابن المنير]ــــــــ[05 - Jun-2007, مساء 07:22]ـ

أحسنت شيخنا أبا عبدالله

أخي آل عامر

(سبب لل ... )

(سبب للقطيعة)

عفوا أخي

ما كان ينبغي لك أن تخاطب شيخك بهذا الأسلوب

وكم من مسألة فقهية نظنها نحن العوام صغيرة، وإنها عند أهل العلم لكبيرة

فالحذر الحذر مع أهل العلم

لن يستقيم لنا أمر إلا بالتأدّب معهم

والله أعلم

ابن المنير

ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[05 - Jun-2007, مساء 07:28]ـ

لشيخنا المقرئ الكاتب في هذا الموقع، موضوع جميل في ملتقى أهل الحديث، لعلي أحاول البحث عنه، أو لعله يتكرم ويعيد نشره هنا، وهو عن التخصص والموسوعية

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[05 - Jun-2007, مساء 08:08]ـ

بارك الله فيك شيخنا عبد الرحمن موضوع رائع وقصة لطيفة.

وأقول أيها الإخوة الكرام لا يلزم في شيخك أن يكون متقناً لكل العلوم وإلا فلن يكون لك شيخ إلا ما ندر فخذ من العالم باللغة فنه، وخذ من المحدث فنه، وخذ من الفقيه فنه، وخذ من الأصولي فنه، ولا ينقص قدر العالم عندك كونه لا يتقن فناً آخر غير فنه فربما يكون فتح له علم ولم يفتح له آخر فخذ منه قدر حاجتك وكما قيل (قد تَبْلُغُ القَطوفُ الوَسَاعَ) و (الثيِّبُ عُجَالَةُ الرَّاكِب) و (خُذْ ما طَفَّ لكَ وَاسْتَطَفَّ لك) و (خُذْ مِنْ جِذْعٍ ما أَعطاك).

بل لو أخطأ في فنه خاصة فلم يتقن مسألة فيه أو باباً فلا يقلل ذلك من قدره فكثير من الأئمة فقهاً وحديثاً ولغةً لهم من الأقوال راجح ومرجوح في فنونهم ولم ينقص ذلك من قدرهم، ولا يقلل من قدرهم إلا من كان قليل العلم ضعيف العقل.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015