عبد الرحمن بن يزيد – رحمه الله – قال: «سألتُ حذيفةَ عن رجل قريب السَّمْتِ والهَدي والدَّلِّ من رسولِ الله –صلى الله عليه وسلم- حتى نأخذَ عنه؟ فقال: ما نعلم أحدا أقربَ سَمْتا وهَدْيا ودَلاّ بالنبيِّ –صلى الله عليه وسلم- من ابنِ أمِّ عبد، حتى يتوارى بجدار بيته، ولقد عَلِمَ المحفُوظُون من أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم-: أن ابن أم عبد أقربُهم إلى الله وسيلة» أخرجه البخاري.
وعن إبراهيم، عن علقمة قال: كان عبد الله يشبه النبي، صلى الله عليه وسلم، في هديه ودله وسمته، وكان علقمة يشبه بعبد الله (سير أعلام النبلاء).
وعلقمة هو الامام، الحافظ، أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك النخعي، الكوفي, جاء في ترجمته رحمه الله:
لازم ابن مسعود حتى رأس في العلم والعمل، وتفقه به العلماء، وبعد صيته.
وكان يشبه بابن مسعود في هديه ودله وسمته. (سير أعلام النبلاء).
وفي (العلل) قال الحسن بن اسماعيل: سمعت أبي يقول: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون أقل من خمسمائة يكتبون والباقون يتعلمون منه حسن الادب وحسن السمت. اهـ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا إذَا أَتَوْا الرَّجُلَ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ نَظَرُوا إلَى سَمْتِهِ وَإِلَى صَلَاتِهِ وَإِلَى حَالِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ. (الآداب الشرعية).
وقال سحنون: كنا نختلف عند البهلول نتعلم منه السمت. (ترتيب المدارك).
وظهر ذلك على بعض السلف ممن شابه أباه في السمت والهدي:
فمنهم السيدة فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم, وقد أوردنا حديث عائشة رضي الله عنها آنفاً.
ومنهم سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب:
قال ابن حبان في ترجمته: كنيته أبو عمر كان يشبه أباه في السمت والهدى وكان يخضب بالحناء وكان أشبه ولد عمر بن الخطاب به.
(ثقات ابن حبان4/ 304).
قال الامام أحمد وابن راهويه: أصح الاسانيد: الزهري عن سالم عن أبيه، كان يشبه أباه في السمت والهدى. (الكامل).
ومنهم من شابه شيخه في السمت كمثل علقمة بن قيس النخعي وشيخه ابن مسعود الذي ذكرناه آنفاً.
ومن التماس القدوات إدمان النظر في كتب السلف وسيرهم واجتهادهم ومقارنة ما كانوا عليه من الهدي بحالنا. وهذه نافعة سيما عند انعدام القدوات وقلة الشيوخ.
(6/ 3) التزام الصمت ومراقبة اللسان:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» البخاري ومسلم.
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عليك بطول الصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك رواه الطبراني وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (من صمت نجا).
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2/ 62:أخرجه الترمذي (2/ 82) و الدارمي (2/ 299) و أحمد (2/ 159، 177)
عن أنس رضي الله عنه: (رحم الله امرءا تكلم فغنم أو سكت فسلم).
حسنه الشيخ الألباني, انظر حديث رقم: 3492 في صحيح الجامع.
وروى ابن أبي الدنيا عن محمد بن النضر الحارثي رحمه الله: كان يقال كثرة الكلام تذهب الوقار.
كما روى عن يحى ابن ابي كثير رحمه الله: خصلتان إذا رأيتهم في الرجل فاعلم أنما ورائهما خيرٌ منهما: إذا كان حابساً لسانه محافظاً على صلاته.
وللحافظ السيوطي رحمه الله رسالة لخص فيها كتاب الصمت لابن أبي الدنيا سماها (حسن السمت في الصمت).وأورد فيها أبياتاً لابن المبارك رحمه الله:
الصمت زينٌ للفتى--- من منطقٍ في غير حينه
والصدق أجمل للفتى---في العقد عند يمينه
وعلى الفتى بوقاره---سمتٌ يلوح على جبينه
(6/ 4) التزام الهدي الظاهر في اللباس وإعفاء اللحية وغيرها:
ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: إني لأحب النظر إلى القارئ أبيض الثياب. رواه مالك بلاغاً وعن طريقه أبونعيم في حلية الأولياء.
¥