فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَاً لِقَلْبِهِ، يُعَمِّرَ بِهِ مَا خَرَبَ مِنْ قَلْبِهِ، وَيَتَأَدَّبَ بِآدَابِ الْقُرْآنِ، وَيَتَخَلَّقَ بِأَخْلاقٍ شَرِيفَةٍ، تَبِينُ بِهِ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
فَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي لَهُ: أَنْ يَسْتَعْمِلَ تَقْوَى اللهِ عَزَّ وجلَّ فِي السِّرِ وَالْعَلانِيَةِ، بِاسْتِعْمَالِ الْوَرَعِ فِي مَطْعَمِهِ، وَمَشْرَبِهِ، وَمَلْبَسِهِ، وَمَكْسَبِهِ، وَيَكُونَ بَصِيرَاً بِزَمَانِهِ وَفَسَادِ أَهْلِهِ، فَهُوَ يَحْذَرُهُمْ عَلَى دِينِهِ، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ، مَهْمُومَاً بِإِصَلاحِ مَا فَسَدَ مِنْ أَمْرِهِ، حَافِظَاً لِلِسَانِهِ، مُمَيِّزَاً لِكَلامِهِ.
إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ، إِذَا رَأَى الْكَلامَ صَوَابَاً، وَإِذَا سَكَتَ سَكَتَ بِعِلْمٍ، إِذَا كَانَ السُّكُوتُ صَوَابَاً، قَلِيلَ الْخَوْضِ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، يَخَافُ مِنْ لِسَانِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَخَافُ مِنْ عَدُوهِ، يَحْبِسُ لِسَانَهُ كَحَبْسِهِ لِعَدُوهِ، لِيَأْمَنَ مِنْ شَرِّهِ وَسُوءِ عَاقِبَتِهِ، قَلِيلَ الضَّحِكِ فِيمَا يَضْحَكُ فِيهِ النَّاسُ، لِسُوءِ عَاقِبَةِ الضَّحِكِ، إِنْ سُرَّ بِشَيءٍ مِمَّا يُوَافِقُ الْحَقَّ تَبَسَّمَ، يَكْرَهُ الْمِزَاحَ خَوْفَاً مِنْ اللَّعِبِ، فَإِنْ مَزَحَ قَالَ حَقَّاً، بَاسِطَ الْوَجْهِ، طَيِّبَ الْكَلامِ.
لا يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِمَا فِيهِ، فَكَيْفَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، يَحْذَرُ مِنْ نَفْسَهُ أَنْ تَغْلِبَهُ عَلَى مَا تَهْوَى مِمَّا يُسْخِطُ مَوْلاهُ. لا يَغْتَابُ أَحَدَاً، وَلا يَحْقِرُ أَحَدَاً، وَلا يَسُبُّ أَحَدَاً، وَلا يَشْمَتُ بِمُصِيبَةٍ، وَلا يَبْغِي عَلَى أَحَدٍ، وَلا يَحْسِدُهُ، وَلا يُسِيءُ الظَّنَّ بِأَحَدٍ إِلا بِمَنْ يَسْتَحِقُ، يَحْسِدُ بِعِلْمٍ، وَيَظُنُ بِعِلْمٍ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا فِي الإِنْسَانِ مِنْ عَيْبٍ بِعِلْمٍ، وَيَسْكُتُ عَنْ حَقِيقِةِ مَا فِيهِ بِعِلْمٍ) اهـ.
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - Jun-2007, مساء 06:44]ـ
بارك الله فيك.
وأسأل الله أن ينفعنا بما خطته يمينك .... لا عدمناك.
وما أجمل السمت الحسن .... إن وافق باطنُه ظاهرَه.
ـ[أبوإبراهيم]ــــــــ[03 - Jun-2007, مساء 06:45]ـ
(6) كيف نتعلم حسن السمت:
اعلم أن العلماء قد حضوا على تحري حسن السمت وتعلمه:
قال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية:
فصْلٌ (فِي تَعَلُّمِ الْأَدَبِ وَحُسْنِ السَّمْتِ وَالسِّيرَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَالِاقْتِصَادِ).
وَيُسَنُّ أَنْ يُتَعَلَّمَ الْأَدَبُ وَالسَّمْتُ وَالْفَضْلُ وَالْحَيَاءُ وَحُسْنُ السِّيرَةِ شَرْعًا وَعُرْفًا (الآداب الشرعية) اهـ.
(6/ 1) وهذه أهمها ألا وهو تعمير الباطن بالطاعة و إصلاحه بالإخلاص لله تعالى:
وأصل الاحتفاء بحسن السمت الظاهر هو دلالته, في الغالب على صلاح الباطن. ومن هنا لا سبيل إلى التماس السمت الحسن بدون إصلاح القلب.
وقال ابن عبد البر قال سفيان بن حسين: أتدري ما السمت الصالح؟ ليس هو بحلق الشارب ولا تشمير الثوب، وإنما هو لزوم طريق القوم، إذا فعل ذلك، قيل قد أصاب السمت، وتدري ما الاقتصاد؟ هو المشي الذي ليس فيه غلو ولا تقصير (التمهيد ج: 21 ص 68).
وذكر الذهبي في الكبائر عن محمد بن مبارك الصوري قال: أظهر السمت في الليل فإنه أشرف من إظهاره بالنهار لأن السمت بالنهار للمخلوقين و السمت بالليل لرب العالمين.
وفي ترتيب المدارك: سمع يحيى بن يحيى يقول في قول الله تبارك وتعالى: يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التَّقوى. قال: لباس التقوى، السكينة والوقار وحسن السمّت. ثم رجع يحيى يقول: مع العمل بما يشبه ذلك.
(6/ 2) الانتفاع بالقدوات والإكثار من مجالستهم:
وقد حرص السلف على تتبع القدوات ممن عرفوا بحسن السمت سيما من كان يشبه في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بغرض ملازمتهم والاقتداء بهم, ومن ذلك أثر عبد الرحمن بن زيد رحمه الله:
¥