المقبولة وكان حسن الخلق عظيم التواضع قال ابن العماد في الشذرات في وفيات سنة 979 نقلا عن الشعراني: صحبته أربعين سنة فما رأيت عليه ما يشينه في دينه بل نشأ في عفة وصيانة وعلم ودين وأدب وديانة وما سمعته قط يستغيب أحدا من أقرانه ولا غيرهم ولا حسد أحدا على شئ من أمور الدنيا ولا زاحم عليها وما رأيت أحدا أحلى منطقا ولا أكثر أدبا مع جليسه منه حتى يود أنه لايفارقه ليلا ولا نهارا.انتهى بتصرف. ولم يزل رحمه الله تعالى على هذه الحالة المرضية والسيرة الزكية مقررا لمذهب أحمد على الوجه الأنبل الأحمد إلى أن ألم به مرض الزحير وكانت وفاته عصر يوم الجمعة ثامن عشر صفر سنة972 من الهجرة النبوية على صاحبها أزكى صلاة وسلام وتحية ودفن بتربة المجاورين قريبا من قبر الحافظ العراقي رحمهما الله تعالى وتأسف العامة والخاصة عليه أيما أسف، ولم يخلف بعده في مذهبه مثله ويا للأسف.

4 - مذهبه الفقهي والعقدي: أما مذهبه الفقهي فهو حنبلي بلا ريب ومؤلفاته في الأصول والفروع ناطقة بذلك وإجماع أهل عصره على إمامته في المذهب أمر جلي لا يخفى وقد ترجم له في كتب طبقات الحنابلة كالسحب الوابلة ومختصر طبقات الحنابلة لجميل الشطي وتسهيل السابلة وله ترجمة مختصرة في المدخل لابن بدران وفي الشذرات والنعت الأكمل والأعلام ومعجم المؤلفين وغيرها. وأما مذهبه العقدي فهو كعامة الحنابلة على طريقة السلف الصالح رحمهم الله وكلامه في شرح الكوكب المنير في مواضع في مباحث من الأسماء والصفات وتقريره لطريقة السلف أمر واضح لا غموض فيه ومن ذلك تفريقه بين الإرادة الكونية والشرعية1/ 321 - 322 وهو موضع كثر فيه التخبط سيما في مبحث الأمر وهل هو مستلزم للإرادة أم لا؟ وكذا كلامه في مسألة الكلام والقرآن ورده على الأشاعرة وغيرهم ونقله كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل السنة والجماعة وقد قال رحمه الله تعالى في كتابه المذكور 2/ 103 لم يزل الله متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء بكلام يقوم به وهو يتكلم بصوت يسمع وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديما وهذا القول هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة ومن أعظم القائلين به إمامنا أحمد والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي ونحوهم. وذكر أدلة هذا القول ورد على المخالفين ,وترى أيها المحب نحو هذا كثير في جزء كبير من المجلد الثاني من شرح الكوكب المنير.

وإن كان قد يقع في كلامه وكلام غيره شئ من المخالفات إما تأثرا بالبيئة والنشئة والفطام عن العادة صعب،وإما لعدم التنبه،أو لغير ذلك من العلل ولايقدح هذا في إمامتهم وفضلهم مادام التوجه العام والتأصيل موافقا لمنهج السلف.

5 _مؤلفاته:وقد ألف رحمه الله العديد من المؤلفات

منها: منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات, وهو كتابنا الذي نتحدث عنه وهو من أجل كتب الحنابلة وأعمدها وسيأتي الكلام عنه بإذن الله تعالى.

ومنها: شرح المنتهى المسمى معونة أولي النهى وهو شرح نفيس للغاية ونفسه فيه نفس فقيه مهتم بالحديث وإن غمزه البهوتي في مقدمة شرحه للمنتهى لكنه اعتمد عليه ونقل منه كثيرا وصاحب البيت أدرى بما فيه. والعجب من الشيخ منصور رحمه الله كيف يقول ذلك وهو الذي اعتمد في شرحه عليه وعلى شرحه هو على الإقناع وقداعتمد في شرحه للإقناع على المعونة أيضا وعلى المبدع في الغالب أي أن عامة اعتماده كان على المعونة، فسبحان الله!!

وكم صرف هذا الغمز من طلاب عن شرح المصنف وساعد على ذلك تأخر طبعه عن شرح البهوتي ولكن من طالعهما وأنصف علم أن البهوتي عالة على المصنف في شرحه ولا غرو في ذلك فابن النجار هو الغاية في التحقيق والتدقيق ولايعيب البهوتي ان يعتمد عليه لكن أن يغمز شرحه!! وعندي أن من استوعب شرح المصنف فلن يفوته من شرح البهوتي إلا القليل جدا بلا عكس فلو قرأ شرح المصنف وعلق عليه زيادات البهوتي وهي قليلة لحصل خيرا كثيرا. وبالجملة فبين الشرحين من الفرق كما بين مصنفيهما عفا الله عنهما وغفر لهما وألحقنا بهما.

ومنها: مختصر التحرير في أصول الفقه وقد طبع أكثر من طبعة مفردا ومع شرحه لكن طبعاته المفردة سقيمة للغاية. وهو من أنفس متون الحنابلة الأصولية كما أن المنتهى من أنفس متونهم الفقهية , فلله دره.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015