الهوى في العلم

ـ[إبراهيم المديهش]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 01:53]ـ

الهوى في العلم

الهوى في العلم، مَدرَج خفي، بسلطان قوي؛ ومرسل في النفس جلي، بمكر خفي، الموفق مَن نجا منه،وعتق من عبوديته، وأخلص دينه لله، ولم يتخذ كتاب ربه وسنة رسوله وسيلة لما يهوى، بل يجعل ما يهوى، تبعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:"فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله .. "

ولقد عجبت ممن كتب أو تحدث عن آداب طلب العلم، كيف غفل عن إبراز هذه الآفة ()،وتجلية خطرها،وبيان منافاتها لأصل العلم وأساسه!؟ مع كثرة النصوص الشرعية والآثار السلفية والنقولات الأدبية،والمنقولات الحكمية،حتى أُفرد بالتصنيف عند المحدثين، فألّف فيه ابن أبي الدنيا، وابن الجوزي، وابن عبد الهادي.

وللهوى معان عدة، ترجع إلى أمرين،قال ابن فارس: (الهاء والواو والياء، أصل صحيح،يدل على خُلُوٍّ وسقوط ... ثم قال:وأما هوى النفس،فمن المعنيين جميعاً؛ لأنه خالٍ من كل خير،ويهوي بصاحبه فيما لاينبغي ... ) ()،وفي اللسان (ومتى تُكلِّم بالهوى مطلقاً، لم يكن إلا مذموماً، حتى يخرج بما ينعت معناه، كقولهم: هوى حسن،وهوى موافق للصواب) ()

هذا، ولقد رأيت كلاماً نفيساً للعلامة المعلمي ت1386هـ في كتابه "القائد إلى تصحيح العقائد"ص30،وهو القسم الرابع من كتابه "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل"2/ 179ــ 200؛ بعد عرض للموضوع وبيان خطره، وإيراد أسئلة يمتحن بها طالبُ العلم مداخل الهوى إلى نفسه، قال: (وبالجملة، فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى،وقد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية، زاعماً أنه لاهوى لي، فيلوح لي فيها معنى،فأقرره تقريراً يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذلك المعنى؛فأجدني أتبرم بذلك الخادش،وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه، وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب، وإنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني، صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لم يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش؟ فكيف لولم يلح لي الخدش، ولكنّ رجلاً آخر اعترض عليّ به؟ فكيف لوكان المعترض ممن أكرهه؟! هذا ولم يكلَّف العالم بأن لايكون له هوى، فإن هذا خارج عن الوسع،وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها حتى يعرفه، ثم يحترز منه،ويمعن النظر في الحق من حيث هو حق ..... وقد كان من السلف من يبالغ في الإحتراس من هواه حتى يقع في الخطأ من الجانب الآخر ... إلخ

وتأييداً لكلام المعلمي السابق، في صعوبة التحرز منه، أنقل كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية، مع الأخذ في الإعتبار، العلم الثابت (تعظيم أئمة الإسلام، وإحسان الظن بهم؛ ديانةً لله)؛مع ما يحصل غالباً في معرِض المناقشة والردود،مما هو من طبيعة البشر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( ..... وإن كان البيهقي روى هذا، فهذا مما أُنكرعليه،ورآه أهل العلم لايستوفي الآثار التي لمخالفيه، كما يستوفي الآثار التي له،وأنه يحتج بآثارٍ، لو احتج بها مخالفوه؛لأظهر ضعفها، وقدح فيها؛وإنما أوقعه في هذا ــ مع علمه وورعه ــ ما أوقع أمثاله، ممن يريد أن يجعل آثار النبي صلى الله عليه وسلم موافقةً لقول واحد من العلماء دون آخر؛ فمن سلك هذه السبيل، دحضت حججه،وظهر عليه التعصب بغير حق،كما يفعل ذلك من يجمع الآثار،ويتأولها في كثير من المواضع، بتأويلات يَبينُ فسادها؛لتوافق القول الذي ينصره، كما يفعله صاحب شرح الآثار أبو جعفر،مع أنه يروي من الآثار أكثر مما يروي البيهقي، لكن البيهقي ينقي الآثار، ويميز بين صحيحها وسقيمها أكثر من الطحاوي) () رحم الله أئمة الإسلام أجمعين.

وأمام موضع نظرك الآن، درراً من المنقول،انتقيتها من عدة مصادر ....

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015