إن العالم الإسلامي واجه مثل هذه الأمور في القرن الثاني بعد التابعين وتابعيهم عندما قال قوم بخلق القرآن، وماذا نتج عن ذلك، وكيف كان الإمام أحمد وأمثاله يعالجون هذه القضية بحكمة وبصيرة إلى أن وفقهم الله فصبروا وكان صبرهم عن علم حتى اتضح الحق وانجلى وافتضح الباطل واندمر.

إن علماء الأمة قديما لا يعالجون القضايا بتعظيمها وتضخيمها، نحن نعلم أن الدنيا لا تخلو من خطأ والله تعالى أخبرنا أن أولادنا قد يكونون أعداء لنا وأنهم فتنة لنا، هل نقول الأولاد أعداء فنهجرهم، هذا لا يصح؛ لأن الله تعالى أخبر أنهم نعمة، ولكن منهم من قد يكون عدوا لأبيه، وما نوع تلك العداوة، إنه لا ينبغي لطلاب العلم إذا حلت مشكلة أن يصوروها بشيء ربما يستثير عواطف من لا يحسن ولا يتبصر، وإنما تعالج القضايا بين أروقة العلماء، وفي مجتمعاتهم الخاصة دراسة وتبصرا وإدراكا للعواقب وتصورا للنتائج، ثم رفع ذلك إلى ولاة الأمر بطريقة أدبية يقصد من خلالها تحقيق المصلحة العامة، أما العواطف والحماس الذي قد يخرج عن طوره وقد لا ينضبط وقد يترك أثرا غير سليم فلا أوصي به إخواني ولا أنصحهم بذلك، وإنما نصيحتي لكم أيها الإخوة، أن نكون على اتصال دائم فيما بيننا، وصلة فيما بيننا، وتدارس للمشاكل فيما بيننا، وأما أخطاء الصحافة، أو كتاب الصحافة، وتجاهل بعضهم، وسوء عبارة بعضهم، فهذا خطأ منهم لا يمكن أن ننسبه لغيرهم، هؤلاء أخطئوا والواجب نصحهم وتحذيرهم، وإن شاء الله لن يتكرر ذلك، لكن أن أجعل هذه القضية دليلا على أن هناك عدوا منتصبا، هذا لا ينبغي، المجتمع مجتمع خير إن شاء الله، وقيادته حريصة على الخير أينما كان، إنها قيادة إسلامية وحريصة على ما ينفع هذا المجتمع، ولكن الأمور يجب أن تأخذ مسارها من الطرق السليمة والقنوات الصادقة والمخلصة، وأن يكون بيد أهل العلم يدرسون كل قضية دراسة متأنية، والدارسون حريصون على أن يجدوا حلولا مناسبة ثم يتقدمون بها، وسوف يحققون إن شاء الله الخير.

إنه لا ينبغي أن نفتح للمغرضين والفارغين وقاصري الفكر أبوابا يدخلون من خلالها، فيصعبون الأمور، ويتوقعون ما لا يكون، ونحن ولله الحمد مسلمون، وأما أن نقارن عدونا اليهودي بعدو بيننا فهذا أمر خطير لا ينبغي المجازفة فيه، أخوك المسلم يخطئ، فنعم، والمسلم يكون فيه خطأ وصواب، وإيمان وفسق كما قرر العلماء، وأما أن نقول هذا عدو يهودي خارجي، وهذا عدو مثله داخلي ونحو ذلك، فأنا لا أحب لطلبة العلم أن يجازفوا بالأقوال من غير روية ولا بصيرة، ولو سئل بعضهم، حدد العدو الداخلي، وما هي أهدافه، وأين يكون، لم تر جوابا، وإنما هي مجرد أقوال تتلقف.

قال تعالى: ? إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ? [سورة النور الآية 15].

فأوصي طلبة العلم بتقوى الله والتمسك بدين الله وأن يكونوا دعاة إلى دين الله على علم وبصيرة، وأسأل الله للجميع التوفيق والسداد.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) ع: 65 ص 7

ـ[الياس الهاني]ــــــــ[01 - Oct-2009, مساء 02:30]ـ

جزاك الله خيرا على هذا فهل من كب عن ذلك

ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[23 - Nov-2009, مساء 06:41]ـ

جزاكُم اللَّهُ خَيْرًا،وباركَ فيكُم.

ـ[صلاح سالم]ــــــــ[23 - Nov-2009, مساء 07:13]ـ

جزاكم الله خير على هذا النقل

ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[10 - Mar-2010, مساء 01:31]ـ

جزاكُم اللَّهُ خَيْرًا،وباركَ فيكُم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015