ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[29 - Jan-2007, مساء 10:26]ـ
((من صفات طالب العلم))
لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن المؤمن في هذه الدنيا في جهاد وفي ابتلاء وامتحان، يقول الله جل وعلا: ? أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ *وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ? [سورة العنكبوت:2 - 3] المؤمن في هذه الدنيا في جهاد، جهاد مع نفسه، هذه النفس التي بين جنبيه هو في جهاد معها ليكونها نفسا بتوفيق الله تلومه على ترك الخير وفعل الشر، ثم يرتقي بها إلى أن تكون نفسا مطمئنة، تطمئن للخير وترتاح له، إنه في جهاد مع عدو سلط عليه من القدم، عدو متربص به الدوائر، عدو قعد له في كل طريق يثبطه عن الخير ويصده عنه، عدو أنظره الله إلى يوم الدين فهو في جهاد ليتخلص من وساوسه ومن أباطيله ومن ضلالاته، إنه جهاد منع الأهواء التي إن ابتلي بها صرفته عن طريق الله المستقيم.
قال تعالى: ? أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ? [سورة الجاثية الآية 23].
والمخرج من الفتن بعد توفيق الله لا يكون إلا بالعلم الشرعي والحرص على طلبه والعمل به، وطالب العلم يتميز بأمور:
فهو حريص على الخير أينما كان، طالب العلم متميز بحبه للخير وسعيه في الخير ودعوته الناس إلى الخير.
طالب العلم هو ذلك الرجل الذي يعرف عند المواقف بحكمته وبصيرته وأناته وتفهمه لكل قضية لكي يعالجها على ضوء الكتاب والسنة.
طالب العلم متميز؛ لأنه عند كل قضية تحل به، فلا تراه مندفعا بلا روية، ولا تراه متسرعا، تراه بعيدا عن حلم وأناة، إن في قلبه غيرة، وفي قلبه حمية لدين الله، وفي قلبه نصرة لدين الله، لكنه يتعقل في أموره كلها، فينطق بالحق من غير شطط وجور، وهو بعيد عن قيل وقال وبئس مطية القوم زعموا.
طالب العلم ينظر في أقواله التي يقولها، وألفاظه التي يتلفظ بها، فيزنها بالميزان الشرعي العادل.
طالب العلم إذا أراد أن يعالج خطأ أو ينبه على خطأ، فإن الاتزان يصحبه في أموره كلها، لا ترى طالب العلم يكيل للناس الأقوال من غير روية، ولا يحكم على الناس بحكم عام من غير بصيرة، فالأحكام على الناس تحتاج إلى دليل يعتمد عليه القائل إلى دليل مادي واقعي يعتمد عليه فيما يقول وفيما يتصرف، ومن وزن أقواله قبل أن يقول، ووزن ألفاظه قبل أن ينطق بها، استطاع بتوفيق من الله أن يحقق مراده.
طالب العلم دائما يقرأ قول الله ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ? [سورة الحجرات الآية 6] وطالب العلم يحكم بالحق والعدل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا ? [سورة المائدة الآية 8].
ولا يسيء الظن بالناس مطلقا، ولا يكيل لهم التهم مطلقا، ولكن يتبصر في الأمر ويحاول الدعوة إلى الخير وإصلاح الخطأ بالطريق الشرعي لا بطريق عاطفة تحمله على تصرفات خاطئة، فيتزن في أموره كلها ويحكم على الأشياء من منظار سليم ومن منظار صحيح، لا يكون ممن يتحكم الناس في قوله فينشر كل ما يقولون، ولكن يزن الأمور والأقوال على الميزان العادل حتى يقول كلمة الحق الواضحة التي لا إفراط فيها ولا تفريط.
¥