وكانت مدينة"الغزة" من بين المدن التي ذكرها ابن حوقل في القرن الحادي عشر ميلادي فقال عنها إنها مدينة صالحة. أما الشريف الإدريسي (المتوفى سنة1154م) فقد كتب في (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) عن مدينتي يلل وغزة فقال: "ومدينة يلل بها عيون ومياه كثيرة وفواكه وزروع وبلادها جيدة للفلاحة وزروعها نامية. ثم إلى مدينة غزة وهي مدينة صغيرة القدر فيها سوق مشهورة لها يوم معلوم وبها حمام وديار حسنة ولها مزارع".

كان المحتل الفرنسي يكتب اسم المدينة في وثائقه الأولى كالآتي ( Ghelizan) أي غليزان كما كانت تنطق وقتذاك إلا أنه حاول فرنسة الاسم فكتب الكلمة كالتالي: ( Relizane). وبعد استرجاع السيادة الوطنية سنة1962م, كتب اسم المدينة في الوثائق والكتب ومنها كتاب الباحث الجيلالي صاري ([6]) , كالآتي: ( Ighil-izane).

وعندما دخل الاحتلال الفرنسي المنطقة, وقع اختياره على مدينة غليزان لإقامة مركز للمعمرين بعدما تخلى عن فكرة إقامته بمنطقة دار سيدي بن عبد الله ([7]) , وكان الهدف من ذلك هو مواجهة الثورات والمقاومات الشعبية التي كانت تتحصن بجبال زمورة والونشريس ومنحدراته. ومن بين هذه المقاومات المسلحة التي عرفتها المنطقة نذكر ثورة الأمير عبد القادر, وثورة الشيخ بومعزة, وانتفاضة سيدي بن عبد الله بن فاطمة, وثورة سيدي الأزرق بلحاج.

إن الموقع الاستراتيجي للمدينة جعل منها مركزا هاما أقره المحتل الفرنسي بمرسوم مؤرخ في24جانفي1857م, وقد أصبحت غليزان منذ1856م مقرا لبلدية بمحافظ. ونظرا لأهمية منطقة غليزان فقد تم في سنة1955م فصلها عن دائرة مستغانم وأصبحت غليزان مقرا لدائرة ضمن مقاطعة وهران ثم أصبحت منذ سنة1957م تابعة لعمالة مستغانم وكانت تتشكل من ست بلديات وهي كالآتي: أربع بلديات تامة وهي: غليزان, زمورة, وادي ارهيو (انكرمان سابقا) وجديوية (سانت إيميي سابقا) , بالإضافة إلى بلديتين ممتزجتين (مختلطتين) وهما عمي موسى, وزمورة ([8]). وأصبحت دائرة غليزان تحدها دائرة تيارت جنوبا, ودائرة مستغانم شمالا, ومعسكر غربا, والشلف شرقا.

بعد اندلاع ثورة أول نوفمبر1954م وما استحدث من تقسيم في مؤتمر الصومام, أصبحت أغلبية منطقة غليزان تابعة للمنطقة الرابعة من الولاية الخامسة. وكان مقر هذه المنطقة بجبال الونشريس. أما الجزء الباقي منها فكان تابعا للمنطقة السابعة من الولاية نفسها. ويُعد حصار مدينة غليزان الذي جرى في شهر أوت1958م, من أخطر الأحداث التي عرفتها المنطقة حيث استشهد فيه250شهيدًا ([9]).

وبعد استرجاع السيادة الوطنية سنة1962م, ظلت منطقة غليزان تابعة لولاية مستغانم إلى غاية1948م. ومنذ هذه السنة, أصبحت غليزان مقرا للولاية رقم (48) وهي تتشكل من 38 بلدية منها مدن وقرى شهيرة قامت بدور كبير في تاريخ الجزائر القديم والحديث, وقد ذكر بعضها المؤرخون والجغرافيون القدامى ومن بينهم اليعقوبي, والبكري, والإدريسي, وعبد الرحمن بن خلدون وأخوه يحيى وآخرون غيرهم.

وبلديات غليزان التي حدد عددها القانون المتعلق بالتنظيم الإقليمي للبلاد, تشرف عليها 13 دائرة إدارية وهي كالآتي:

غليزان: غليزان, بن داود.

زمورة: زمورة, بني درقن, دار بن عبد الله.

منداس: منداس, وادي السلام, سيدي لزرق.

المطمر: المطمر, بلعسل بوزقزة, سيدي خطاب, سيدي أمحمد بن عودة.

يلل: يلل, سيدي سعادة, عين الرحمة, القلعة.

وادي ارهيو: وادي ارهيو, مرجة سيدي عابد, واريزان, لحلاف.

جديوية: جديوية, أولاد سيدي الميهوب, حمري.

الحمادنة: الحمادنة, وادي الجمعة.

مازونة: مازونة, القطار.

سيدي أمحمد بن علي: سيدي أمحمد بن علي, مديونة, بني زنطيس.

عمي موسى: عمي موسى, الولجة, أولاد يعيش, الحاسي.

عين طارق: عين طارق, حد الشكالة.

الرمكة: الرمكة, سوق الحد.

وفي إحصاء سنة1998م, بلغ عدد سكان الولاية: 642863 نسمة وبكثافة سكانية تقدر بـ133 نسمة في كلم2.

وشهدت المنطقة حياة فكرية وثقافية امتد إشعاعها إلى مناطق أخرى من البلاد, وكانت تلك الحركة الحضارية بفضل جهود المدارس والمعاهد والزوايا التي كانت منتشرة في مدنها وأريافها. ومن هذه المراكز العلمية مدرسة مازونة الشهيرة, ومعاهد قلعة بني راشد, ومعاهد وزوايا حفظ القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التي كنت تُعرف بأسماء مشايخها وعلمائها وصلحائها.

لقد أنجبت تلك المراكز العلمية الكثير من العلماء والفقهاء والأئمة والأدباء والمجاهدين والمتصوفة, وغرست في الشعب الجزائري قيم الحضارة العربية الإسلامية, كما قامت بدورها التاريخي الكبير في الدفاع عن الوطن والحفاظ على المجتمع وتماسكه بالرغم من كل المحن والتحديات التي عرفتها البلاد جراء الحروب الصليبية والاحتلال البغيض وأطماع الغزاة.

فبهذا التمهيد نلج عالم الأعلام الذين ترجمنا لهم في هذا الكتاب, وأحببنا في الوقت نفسه أن تطلع الأجيال الصاعدة على بعض إنجازات الأجداد وتضحياتهم الجسام من أجل سيادة الجزائر وكرامة شعبنا.

[1] نشر في جريدة (صوت الأحرار) ليوم21جانفي2003.

[2] esclapez(vincent),Relizane,Ora n,1975.

[3] Yacono(Xavier).La COLONISصلى الله عليه وسلمTION عز وجلes Plaines عز وجلu Chèlif,tome 1,Imbert صلى الله عليه وسلمlger,1955,p.179

[4] يحيى بن خلدون, بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد, مطبعة فونطانة الأخوين وشركاءهما الشرقية, الجزائر, 1910, ص146 - 147.

[5] مبارك بن محمد الميلي, تاريخ الجزائر في القديم والحديث, مكتبة النهضة الجزائرية, ج2, 2004, ص62 - 63.

[6] Les Villes Prècoloniales عز وجلe l'صلى الله عليه وسلمlgérie OCCIعز وجلصلى الله عليه وسلمNTصلى الله عليه وسلمLصلى الله عليه وسلم,SNصلى الله عليه وسلمعز وجل,1970.

[7] La COLONISصلى الله عليه وسلمTION,p.107

[8] Relizane,Revue Municipale,1956,N4

[9] ولايات في تطور, وكالة الأنباء الجزائرية, 1986, ص441.

- نص عليها المرسوم التنفيذي رقم91 - 306 المؤرخ في24أوت1991م.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015