تعطير سواء الطريق بترجمة أبي بكر الصديق

ـ[أبو طيبة]ــــــــ[23 - عز وجلec-2010, صباحاً 12:58]ـ

الحمد لله رب العالمين الذي قال: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ?، والصلاة والسلام على النبي الأمين الذي جاء بالصدق وصدق به، وكان سيد المتقين، ورضي الله عمن قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أول مقامي هذا - ثم بكى - ثم قال: «عليكم بالصدق؛ فإنه مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب؛ فإنه مع الفجور، وهما في النار. سلوا الله - عز وجل - المعافاة، فإنه لم يؤت أحد شيئا بعد اليقين خير من المعافاة، ولا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا».

فمن ذا الذي روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث عن الصدق في الدين؟ من الذي لم يفضل الناس بكثرة الصلاة والصوم، وإنما فضلهم بشيء كان في قلبه ألا وهو الزهد واليقين؟ من الذي يتصدق بماله كله، ولم يبق لأهله شيئا ولا له؟ من عطر أهل الحديث كتبهم بنقل محاسنه وشمائله؟ من زان أهل السنة عقائدهم بذكر مناقبه وفضائله؟.

إنه عتيق أبو بكر عبد الله بن عثمان الصديق، أبوه أبو قحافة عثمان بن عامر أسلم في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر ابنة عم أبيه، ولد بعد عام الفيل بسنتين ونصف تقريبا، وقد سمي عتيقا لجمال وجهه، وأصالة نسبه، وقدمه في الخير، ولقب بالصديق لصدق إيمانه بإسراء الله بالنبي – صلى الله عليه وسلم -.

وهو أعلم قريش بالنسب، ذو فضل وسعة ونشب، كان يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويُعين على نوائب الحق، وكانت تساق إليه في الجاهلية الديات فيتحملها، وكان تاجرا ذا خلق ومعروف، مؤلفا لقومه محببا سهلا.

وحين أوحى الله إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - كان أبو بكر أول رجل آمن به، وكان أفضل الناس إسلاما، ولم يزل كذلك حتى قبضه الله، ولم يشك قط في الله، وكان لرأفته يدعى الأواه، نفع النبي بماله وواساه، وخلفه من بعده في الصلاة، وصلى بالناس ذات يوم ورسول الله في الصف وراءه، ومن ذا يؤخر من قدمه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟.

وقد كان أحب الرجال إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، قدمه على المهاجرين والأنصار، وصحبه حتى في الغار، وهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها، وأرحمها بها، وزير النبي من أهل الأرض، وصاحبه على الحوض يوم العرض، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، وسيد كهول أهلها من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين، يدخلها من جميع أبوابها.

صحب – رضي الله عنه - النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة، وسبق إلى الإيمان به بعدها، واستمر معه طول إقامته بمكة، وكان أول من صدقه حين الله به أسرى من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ورافقه في الهجرة، وفيه قال الله تعالى: ? إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ? [التوبة: 40]، عن عمرو بن الحارث، عن أبيه أن أبا بكر الصديق - رحمة الله تعالى عليه - حين خطب قال: «أيُّكم يقرأ سورة التوبة؟»، قال رجل: أنا. قال: «اقرأ». فلما بلغ: ? إذ يقول لصاحبه لا تحزن ?؛ بكى أبو بكر وقال: «أنا والله صاحبُه».

شهد الصديق المشاهد كلها، وكانت الراية معه يوم تبوك، وحج في الناس في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع، واستقر خليفة في الأرض بعده، ولقبه المسلمون خليفة رسول الله، عن عبد الله بن جعفر قال: «ولينا أبو بكر، فخير خليفة، أرحم بنا، وأحناه علينا»، وقد كانت مدة خلافته سنتين ونصفا.

أسلم على يديه من العشرة المبشرين بالجنة عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص، وحين أسلم كان له أربعون ألف درهم، فأنفقها في سبيل الله، وأعتق سبع رقاب كلهم يعذب في الله، منهم بلال بن رباح، وقد قال عمر بن الخطاب: «أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا».

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015