إذاً هذه المواقع كثيراً ما تكون جهوداً فردية، لا يطاولها الأمل كثيراً حتَّى تنهار وللأسف، فغالب المواقع الدعوية عبارة عن مجهودات فرديَّة وحماسة شخصيَّة، أدَّت بصاحبها لأن يطلق الموقع، فيتحمَّس لمدة محدودة ثمَّ تخبو جذوة الحماسة مرَّة أخرى، كما أنَّ الموقع بحاجة لمصممِّم متميز، ومبرمج مبدع، وهذا ما قد يسبِّب ضعف الإخراج والاهتمام بالتصميم الخاص بالموقع، وما دام العمل لا يسير على رؤية استراتيجية تخطيطيَّة فسيكون عملاً فوضوياً مبعثراً، وهذا ما تشكو منه كثير من أعمالنا الإسلاميَّة ومنها العمل الدعوي الإسلامي على الإنترنت!!
وصدق الله تعالى القائل: (أفمن يمشي مكبَّاً على وجهه أهدى أمَّن يمشي سوياً على صراط مستقيم).
مقابل الفوضويَّة التي نجدها لدى بعض العاملين للإسلام، نلحظ الأعمال الغربيَّة في الغالب تبقى ثابتة ولو خفت ضوؤها، فهو يخطِّط بطريقة Slow but sure ، ما يعني أنَّهم يريدون عملاً بطيئاً ولكنَّه أكيد المفعول، وقد استخدموها في عصرنا الحاضر حيث استخدمها الإنجليز في عهد اللورد كرومر وبقيادة القسيس دونلوب أثناء مدَّة هيمنتهم على مصر، وأسَّسوا لهذه القاعدة لتغيير مناهج التعليم في مصر، لتخريج جيل ليست لديه هويَّة إسلاميَّة ... جيل تافه لا يأبه بأمر دينه، وهذا بالفعل ما أثَّر تأثيراً كبيراً في عقليات الشباب التي تأثَّرت كثيراً بالغزو الفكري، فإن كان هؤلاء يقومون بهذا البطيء الفعَّال، فإنَّ على دعاة الإسلام أن يحسبوا خطواتهم الدعويَّة، لتكون مدروسة موزونة.
يظن بعض الناس عدم وجود مشاكل وعقبات في الدعوة عبر الإنترنت، لكنَّ الحقيقة أنَّ هنالك عدَّة إشكاليات تواجه بعض الدعاة على شبكة الانترنت، وبعض الملاحظات على العمل الدعوي على الإنترنت، أذكر منها:
1) العشوائيَّة والفوضويَّة والارتجالية.
2) ضعف التخطيط لكثير من المواقع الدعوية، فقلَّما نجد مواقع لديها خطط فعليَّة، ورؤى استراتيجية تقوم عليها.
3) أنَّ الدعوة من خلال الإنترنت تكون دعوة شخصانية دون رعاية من عالم أو مربٍ أو هيئة شرعية، فالكل يمكن أن يدعو بطريقته الخاصة، وهذا قد يوقع بعضاً من الدعاة في حبائل الشيطان سواء من قبيل الشبهات أو قبيل الشهوات، وقد يدخل بعض الشباب في غرف التشات المحادثة لمقصد الدعوة، فيخرجوا بخفي حنين، فلا الدعوة نصروا ولا بدينهم تمسكوا، بل قد يقع بعضهم في حب فتاة كانت مقصدا من مقاصد الدعوة!! أو يتأثر بعضهم ببعض الشخصيات التي يتحاورون معها على غرف المحادثة ببعض الأفكار الزائغة، فليس هنالك نوع من الرقابة على الإنترنت، والحل يكمن في أن يكون لكل شخص مرجعية من هيئة شرعية يستشيرها في أي أمر يقدم عليه وخصوصاً حينما يكون غير ناضج علمياً ولم يستوِ بعد في التمكن بأساليب الدعوة وفنون التعامل مع الناس والرسوخ في العلم أو على الأقل العلم الكافي للدعوة إلى الله وإرشاد الناس، مع مراقبة الله تعالى أولاً وأخيرا، فإنَّه الركن إن خانتك أركان، وإذا لم يكن من النفس واعظ فما تنفع المواعظ!
4) قلة التنسيق بين الدعاة، والعمل ضمن إطار مشاريعي يخدم ويفيد المجتمع البشري الذي يقصد الإنترنت، فيكون من خلال هذا التنسيق دور أكبر وفائدة واضحة أكثر من الجهود الدعوية الفردية على الخير الذي تؤديه.
5) إدمان كثير من الصالحين على الإنترنت، بل بعض الفضلاء والخيرين، حتى إنَّ بعضاً منهم لا يستطيع مفارقة الإنترنت مطلقا بحجَّة الدعوة إلى الله والمناقشات الدعوية، ولربما كان 40% مما يقوم به ليس ذا أهمية ولكنها ظاهرة الإدمان المستفحلة والتي تجذب بعض الناس كقوة المغناطيس لهذه الشبكة! ولو سئل أحدهم ما العمل الدعوي الجاد الذي قمت به في يومك هذا؟ لتلكَّأ في ذكر منجزاته الدعويَّة أو أن يذكر شيئاً يسيرأ يمكن القيام به في وقت قصير.
¥