هو أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد أبو جعفر ويعرف ابن الجزار. ولد بالقيروان في حدود سنة 285هـ/898م وبها توفي سنة 369هـ/980م. ولم يكن له رحلة في طلب العلم. وهمّ بالتوجه للأندلس بعد ما ساءت علاقته بالمعزّ لدين الله الفاطمي ولم ينفذ. كان أبوه كحالا وعمه أبو بكر طبيبا جراحا فاقتفي أثره وتعلّم منه فن الجراحة فهو من أسرة اشتغلت بالطب وبرعت فيه. ويمثل أحمد بن الجزار أوج المدرسة الطبية القيروانية عدّه ابن صاعد في كتابة " تجارب الأمم " من أعظم شخصيات عصره. وهو يحتل مكانة بارزة في تاريخ الطب والصيدلة وقد ألّف ما يربو عن الأربعين كتابا من أهمّها:
- "زاد المسافر وقوت الحاضر" هو من أهمّ تآليفه. فهو موسوعة طبيّة شاملة اشتهرت في العالم في مشارق الأرض ومغاربها منذ ترجمت إلى اليونانيّة والعبريّة واللاتينيّة، طبع منها جزء سنة 1749م باليونانيّة في أمستردام، فكان هذا الكتاب متداولا بأوروبا، معتمدا في التدريس والمعالجة حتى لعصر النهضة، إذ أقبل على هذه التّرجمات الأطباء والعلماء اليونانيون واللاّتينيون والعبريون إقبالا عظيما يقتبسون من مشكاتها نورا، وقد كثرت مخطوطاتها عندهم بهذه اللّغات ويوجد على الأقل خمسة وثلاثون مخطوطا من كتاب"زاد المسافر " باليونانيّة موزّعة في مكتبات العالم في أوروبا خاصة. وقد احتوى هذا الكتاب " كلّ ما يحتاج إليه الطبيب وطالب الطبّ مسافرا كان أو مقيما"، وتضمّن طريق مداواة الأدواء التي تعرض في أعضاء الجسد عضوا فعضو من أعلى الرّأس إلى القدمين.
- ولابن الجزّار كتاب" سياسة الصّبيان وتدبيرهم " حقّقه الدكتور محمد الحبيب الهيلة ونشره بتونس سنة 1968م، وهو " أوّل مصنّف من نوعه يعتني بطبّ الأطفال باعتباره ميدانا مختصا مستقلاّ بذاته عن الطّب العام.
- كتاب" الاعتماد في الأدوية المفردة، فقد قدّم فيه عرضا للأدوية المفردة من النّبات والمعادن، ولم يسبق له أن رأي أحدا من متقدّمي الأطباء ألّف كتابا جامعا مرضيا وكلاما شافيا بحسب ما يجب أن يؤلّف في هذا الباب حسب تعبير ابن الجزار. وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللاّتينيّة ثم العبريّة، وانتحله قسطنطين الإفريقي بعنوان مختلف وتوجد منه نسخ متعدّدة بحلب والجزائر.
- كتاب" طب الفقراء والمساكين " طبعه أحد البنوك بتونس. ويمثّل نزعة الطبيب القيرواني الشّعبية ممّا جعل بعضهم يصفه بطبيب الفقراء. فهو يعالج في هذا الكتاب كثيرا من الأمراض بأرخص الأدوية.
- كتاب" في المعدة وأمراضها ومداوتها"، حقّقه الدّكتور سلمان قطاية ونشرته دار الرشيد ببغداد سنة 1980.
الرقيق الكاتب
إبراهيم بن القاسم أبو إسحاق المعروف بالرقيق مؤرخ قيرواني جليل وأديب بليغ، في مقدمة كتاب إفريقية المجيدين في عصر حضارتها الزاهرة، وقد يعتبر بحق إماما للتاريخ التونسي.
وغاية ما توصلنا إلى معرفته من أبنائه أنه ولد بالقيروان في منتصف القرن الرابع للهجرة وتولى كتابة الحضرة في الدولة الصنهاجية- وحافظ على الخطة ما يقرب من نصف قرن أي في أيام المنصور بن يوسف بن زيري وابنه باديس وابنه المعز. وفي خلال تلك المدة صاحب أولئك الأمراء في أسفارهم وحروبهم لقبائل المغرب الأوسط.
أما من الناحية التاريخية فإننا نجد رواة الأخبار الذين بحثوا عن حوادث إفريقية في القرون الإسلامية الأولى عيالا على ما دوّن الرقيق وجمع، حتى قال ابن خلدون: "ابن الرقيق مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان، ولم يأت من بعده إلا مقلد" نكتفي بهذه الشهادة الجسيمة للدلالة على مكانته من بين الإخباريين الإفريقيين. وقد كانت وفاة الرقيق حوالي سنة 425 أو بعدها بقليل وهذا غاية ما يمكننا ترجيحه.
أما تآليف الرقيق على كثرة ما صنف – فلم يصلنا منها إلا النادر، وما موضوعه غير التاريخ: تاريخ إفريقية والمغرب في عشرة مجلدات.
ـ[جمال الجزائري]ــــــــ[14 - Jun-2010, مساء 06:28]ـ
جزاكم الله خيراً