وفي عام 1333هـ , حيث الفترة المشئومة على أهل المدينة , والتي تعرف بسفر برلك , فقد كان فخري باشا يرّحل الناس إلى الشام , فذهب السيد أحمد الجزائري , وطلب من القائد فخري , أن يسمح له بالذهاب إلى العلا , وذلك أن أهل العلا قد طلبوا السيد أحمد , لأن جل أهل العلا كانوا يتمذهبون بالمذهب المالكي , وكانوا يبعثون بفتواهم إليه فيجيبهم عليها , , وكان للشيخ أحمد تلاميذه من أهل العلا , يحضرون دروسه , وعندما وقعت الضائقة في المدينة , أذن فخري باشا للسيد أحمد الرحيل إلى العلا , وكان ذلك في أوائل سنة 1334هـ , وفي العلا وبأعتبارها بلدة صغيرة , في ذلك الوقت , ومنتشر بها الوباء من كثرت الذباب , أصيب السيد أحمد برمد شديد في عينيه وعالج نفسه بالأكحال , والقطرات , والكي , ولكن دون جدوى , فقرر عدم البقاء بها والعودة إلى المدينة , وذلك في سنة 1336هـ , ولكن في تلك الفترة اشتدت الأمور , فأصبح الوصول للمدينة أمر صعب , ففخري باشا قد حصن أسوار المدينة وقلاعها , وجميع مسالكها , والشريف علي بن الحسين أمير الحجاز آنذاك , قد عسكر في الفريش والربذه , والحرب على وشك أن تشتعل , وفي الحجره كان محمد بن طلال بن رشيد مرابطاً هناك من قبل الدولة العثمانية , فرحل إليه السيد أحمد قادماً من العلا , وعرفه ابن رشيد وأكرمه , وعرض عليه ابن رشيد تسهيل مهمته , وبالفعل سُمح للسيد أحمد بالوصول والدخول للمدينة وحده دون أهله , فأبقى أسرته في العلا برفقة ابنه العلامة السيد عبدالقاد , ولما وصل للمدينة اشتد عليه المرض , ففارق الحياة ومات بالمدينة وحيداً بعيداً عن أهله , فجهز وكفن بصعوبة , وحمله الجنود الأتراك بمعاونة مدير الأوقاف آنذاك غالب تحسين بك , وصليّ عليه , وقبر في البقيع , وذلك في منتصف صفر سنة 1336هـ , رحم الله السيد أحمد بن أحمد الجزائري عالم المدينة ومفتيها , فقد قضى حياته في خدمة العلم والدين حتى قضى نحبه , ولم ينجب غير ولده السيد عبدالقادر (صاحب الترجمة).

ونعود لترجمة السيد عبدالقادر الذي حفظ القرآن الكريم وجوده وأتم قراءته على يد شيخ القراء بالمدينة الشيخ حسن بن إبراهيم الشاعر رحمه الله , ثم ألتحق بحلقات المسجد النبوي الشريف وفي مقدمتها حلقة والده في الفقه والتفسير والحديث , وحضر دروس العلماء أمثال: الشيخ إبراهيم بري قاضي المدينة والشيخ المحدث عمر حمدان المحرسي , وغيرهم من العلماء وحصل على الإجازات وأدرج إسمه ضمن قائمة علماء الحرمين , وحضر مجلس العلامة الشيخ محمد العربي التباني ونال منه الإجازة العامة والخاصة في الصحاح والمسانيد وغيرها من التصانيف.

الشيخ عبدالقادر كاتب عدل

وحينما انتقل والده السيد أحمد الجزائري إلى العلا في أوائل عام 1336هـ ,على عهد الشريف علي بن الحسين والذي تولى إمارة المدينة عينه كاتب عدل لمحكمة العلا.

الجزائري قاضي العلا والمدينة

عمل الشيخ عبدالقادر في خدمة العلماء والقضاة سنوات طويلة وبعد تولي الملك عبدالعزيز على الحجاز , وقع الإختيار على الشيخ عبدالقادر من قبل رئاسة القضاة بأن الشيخ عبدالقادر قد عمل في محكمة العلا سابقاً وهو رجل من العلماءالمعروفين فعين في قضاة العلا مدة ثلاثة عشر سنة من عام 1361هـ إلى عام 1373هـ.

الشيخ عبدالقادر وإمامة المصلين

رشح الشيخ عبدالقادر لأمامة المصلين في المسجد النبوي الشريف مدة من الزمن حيث كان يؤم المصلين في صلاة المغرب.

الشيخ عبدالقادر قاضياً بالمدينة

وفي عام 1373هـ رشح السيد عبد القادر قاضياً بمحكمة المدينة المنورة وبقى بها حتى عام 1387هـ , وتميز أن أحكامه كان دائماً تعود مصدقة من هيئة التمييز ,لاأعتراض عليها , وهذا من أتساع علمه رحمه الله , ولبلوغة السن النظامية وكبر السن أحيل للتقاعد.

مكتبته

خلف السيد عبدالقادر مكتبة ذاخرة بالكتب النفيسة التي ورثها من والده السيد أحمد وزاد عليها , فأوقفت مكتبتة بعد وفاته من ضمن المكتبات الموقوفة في مكتبة الملك عبد العزيز.

وفاته

كانت وفاة السيد عبدالقادر سنة 1402هـ , وكان عمره عند وفاته 86 سنة , بعد حياة مليئة بالعطاء وسيرة تعد مثالاً للأخلاق الفاضلة ونموذجاً لبيوتات العلم العريقة فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.

ـ[الشريف باسم الكتبي]ــــــــ[20 - May-2010, مساء 01:58]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تنبيه

وجدت في موقع أهل الحديث مشاركة لأحد الأعضاء المشهورين بتنقلهم في جميع منتديات الشبكة العالمية , بأسماء حقيقة ووهمية , والمشهورين بحبهم أشعال الفتن , وحقدهم الدفين على أخي الشريف أنس , وهو العضو: حسين حيدر, يشكك في تاريخ مولد السيد عبدالقادر بن أحمد الجزائري الذي ذكره الشريف أنس , وأنه ولد سنة 1310هـ , وأنا أعلم أنه ليس من أهل العلم ولا التحقيق , لكن لحاجة في نفسه.

قلت: ذكرت في أوائل ردي السابق أن الشريف أنس حقق تاريخ مولد السيد عبدالقادر , وأنه في سنة 1316هـ , لا كما ذكرا ذلك الزاحم والنقشبندي رحمهما الله , وذكر لي اليوم , أن مصدره في ذلك هو حفيظة نفوس الشيخ عبدالقادر رحمه الله , وما ذكره الدكتور المزيني في كتابه مكتبة الملك عبدالعزيز , وغيرها , والله العالم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015