اتفق أكثر مَنْ تَرْجَمَ لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى أَنَّ وَفَاتَهُ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، (وساق المحقق أسانيد تثبت أنه توفي في يوم عاشوراء).

المراثي التي قيلت فيه:

رَثَاهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيِّ فقال:

هَيْهَاتَ لَيْسَ إِلَى السُّلُوِّ سَبِيلُ ** فَلْيَكْتَنِفْكَ تَوَجُّعٌ وَعَوِيلُ

مَوْتُ ابْنِ بَطَّةَ ثُلْمَةٌ لَا يُرْتَجَى ** لِمَسَدِّهَا شَكْلٌ لَهُ وَعَدِيلُ

فَمَضَى فَقَيْدًا مَا لَهُ خَلَفٌ وَلَا ** مِنْهُ - وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بَدِيْلُ

أَمَّا الْمَحَاسِنُ بَعْدَهُ فَدَوَارِسٌ ** وَالْعِلْمُ رِبْعٌ مُقْفَلٌ وَطُلُولُ

أَمَّا الْقُبُورُ فَإِنَّهُنَّ أَوَانِسٌ ** بِحُلُولِهِ وَعَلَى الدِّيَارِ مُحُولُ

مَنْ لِلْخُصُومِ اَللُّدِّ إِنْ هُمْ شَنَّعُوا ** وَعَنَاهُمُ التَّمْوِيهُ وَالتَّأْوِيلُ?

مَنْ لِلْقُرَانِ وَكَشْفِ مُشْكِلِ آيِهِ ** حَتَّى يَقُومَ عَلَيْكَ مِنْهُ دَلِيلُ?

مَنْ لِلْحَدِيثِ وَحِفْظِهِ بِرِوَايَةٍ ** مَنْقُولَةٍ إِسْنَادُهَا مَنْقُولُ?

يَا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ لِسَانٍ كَانَ كَالسَّيْفِ ** الصَّقِيلِ وَلَيْسَ فِيهِ فُلُولُ

مَاتَ الَّذِي آثَارُهُ وَعُلُومُهُ ** مَدْرُوسَةٌ مَسْطُورُهَا مَنْقُولُ

الشَّيْخُ مَاتَ أَمِ الْبَسِيطَةُ زُلْزِلَتْ ** أَمْ صَارَ فِي الْبَلَدِ الْمُنِيرُ أُفُولُ?

مَنْ لِلْفَرَائِضِ فِي عَوِيصِ حِسَابِهَا ** فِي الْجَدِّ أَوْ فِي الرَّدِّ حَيْثُ تَعُولُ?

مَنْ لِلشُّرُوطِ وَحِفْظِ حُكْمِ فُرُوعِهَا ** إِذْ أُحْكِمَتْ قَبْلَ الْفُرُوعِ أُصُولُ?

مِنْ فِعْلُهُ الثَّبْتُ السَّدِيدُ مُوَافِقٌ ** لِلْقَوْلِ مِنْهُ حَيْثُ صَارَ يَقُولُ?

مَنْ لَا يَهَابُ إِذَا الْحُقُوقُ تَعَاوَرَتْ ** مِنْ فِيهِ دَوْلَاتُ الزَّمَانِ تَدُولُ?

هَيْهَاتَ أَنْ يَأْتِي الزَّمَانُ بِمِثْلِهِ ** إِنَّ الزَّمَانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيلُ

اللَّهُ حَسْبِي بَعْدَهُ وَهُوَ الَّذِي ** فِي كُلِّ مَا أَرْجُوهُ مِنْهُ وَكِيلُ

أَجْبِرْ مُصِيبَتَنَا وَأَحْسِنْ عِوْضَنَا ** مِنْهُ فَأَنْتَ لِمَا تَشَاءُ تُنِيلُ

من أقوال الإمام ابن بطة رحمه الله:

قال رحمه الله في خاتمة كتابه العظيم: الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة:

( ... وَمِنْ اَلسُّنَّةِ وَتَمَامِ اَلْإِيمَانِ وَكَمَالِهِ اَلْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ اِسْمٍ خَالَفَ اَلسُّنَّةَ وَخَرَجَ مِنْ إِجْمَاعِ اَلْأُمَّةِ وَمُبَايَنَةُ أَهْلِهِ وَمُجَانَبَةُ مَنِ اِعْتَقَدَهُ, وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اَللَّهِ بِمُخَالِفَتِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ اَلرَّافِضَةُ وَالشِّيعَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ وَالْحَرُورِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالزَّيْدِيَّةُ وَالْإِمَامِيَّةُ. وَالْمُغِيرِيَّةُ وَالْإِبَاضِيَّةُ) قلت: وعد رحمه الله عددامن أسماء الطوائف الخارجة عن السنة ثم قال: (وَمِنْ كُلِّ قَوْلٍ مُبْتَدَعٍ وَرَأْيٍ مُخْتَرَعٍ وَهَوًى مُتَّبَعٍ. فَهَذِهِ كُلَّهَا وَمَا شَاكَلَهَا وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهَا أَوْ قَارَبَهَا أَقْوَالٌ رَدِيئَةٌ وَمَذَاهِبُ سَيِّئَةٌ تُخْرِجُ أَهْلَهَا عَنْ اَلدِّينِ وَمَنِ اِعْتَقَدَهَا عَنْ جُمْلَةِ اَلْمُسْلِمِينَ.

وَلِهَذِهِ اَلْمَقَالَاتِ َالْمَذَاهِب رُؤَسَاءُ مِنْ أَهْلِ اَلضَّلَالِ وَمُتَقَدِّمُونَ فِي اَلْكُفْرِ وَسُوءِ اَلْمَقَالِ يَقُولُونَ عَلَى اَللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ وَيَعِيبُونَ أَهْلَ اَلْحَقِّ فِيمَا يَأْتُونَ وَيَتَّهِمُونَ اَلثِّقَاتِ فِي اَلنَّقْلِ وَلَا يَتَّهِمُونَ آرَاءَهُمْ فِي اَلتَّأْوِيلِ قَدْ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ اَلْبِدَعِ وَأَقَامُوا سُوقَ اَلْفِتْنَةِ وَفَتَحُوا بَابَ اَلْبَلِيَّةِ يَفْتَرُونَ عَلَى اَللَّهِ اَلْبُهْتَانَ وَيَتَقَوَّلُونَ فِي كِتَابِهِ بِالْكَذِبِ وَالْعُدْوَانِ إِخْوَانُ اَلشَّيَاطِينِ وَأَعْدَاءُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَكَهْفُ اَلْبَاغِينَ وَمَلْجَأُ اَلْحَاسِدِينَ. هُمْ شُعُوبٌ وَقَبَائِلُ وَصُنُوفٌ وَطَوَائِفُ أَنَا أَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَشَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِمْ لِأَنَّ لَهُمْ كُتُبًا قَدْ اِنْتَشَرَتْ وَمَقَالَاتٍ قَدْ ظَهَرَتْ لَا يَعْرِفُهَا اَلْغُرُّ مِنْ اَلنَّاسِ وَلَا النَّشْءُ مِنْ اَلْأَحْدَاثِ تَخْفَى مَعَانِيهَا عَلَى أَكْثَرِ مَنْ يَقْرَؤُهَا فَلَعَلَّ اَلْحَدَثَ يَقَعُ إِلَيْهِ اَلْكِتَابُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلْمَقَالَاتِ قَدْ اِبْتَدَأَ اَلْكِتَابَ بِحَمْدِ اَللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْأَطْنَابِ فِي اَلصَّلَاةِ عَلَى اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِدَقِيقِ كُفْرِهِ وَخَفِيِّ اِخْتِرَاعِهِ وَشَرِّهِ فَيَظُنُّ اَلْحَدَثُ اَلَّذِي لَا عِلْمَ لَهُ وَالْأَعْجَمِيُّ وَالْغُمْرُ مِنْ اَلنَّاسِ أَنَّ اَلْوَاضِعَ لِذَلِكَ اَلْكِتَابِ عَالِمٌ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ أَوْ فَقِيهٌ مِنْ اَلْفُقَهَاءِ وَلَعَلَّهُ يَعْتَقِدُ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مَا يَرَاهُ فِيهَا عَبْدَةُ اَلْأَوْثَانِ وَمَنْ بَارَزَ اَللَّهَ وَوَالَى اَلشَّيْطَانَ ... ) ثم عددا من رؤوس المبتدعة كالجهم وبشر المريسي وغيرهم .. إلى أن قال: (ذَكَرْتُ طَرَفًا مِنْ أَئِمَّتِهِمْ لِيُتَجَنَّبَ اَلْحَدَثُ وَمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ ذِكْرَهُمْ وَمُجَالَسَةَ مَنْ يَسْتَشْهِدُ بِقَوْلِهِمْ وَيُنَاظِرُ بِكُتُبِهِمْ. وَمِنْ خُبَثَائِهِمْ وَمَنْ يَظْهَرُ فِي كَلَامِهِ اَلذَّبُّ عَنْ اَلسُّنَّةِ وَالنُّصْرَةُ لَهَا وَقَوْلُهُ أَخْبَثُ اَلْقَوْلِ اِبْنِ كُلَّابٍ وَحُسَيْنٌ اَلنَّجَّارُ وَأَبُو بَكْرٍ اَلْأَصَمُّ ... ) إلى آخر كلامه رحمه الله.

والحمد لله رب العالمين

صالح السويح

30/ 1/1428هـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015