وقد أطلقت على المرأة العصرية المتحررة التي أرادت أن تتخلى عن فطرتها عنوان " الجنس الثالث " الذي يُعرف باسم المرأة المسترجلة، وذلك في مقال نشرته جريدة الأهرام في حديث لها مع صديقتها الطبيبة النمساوية، وذلك حينما رأت صديقتها الطبيبة – أثناء زيارتها لها - تعمل في المطبخ في عطلتها الأسبوعية من يوم الأحد، فاستغربت منها وقالت لها:
" أما العمل يوم الأحد فربما فهمته، وأما اشتغالك بالطبخ مع ما أعرفه من إرهاق مهنتك فهذا ما لم أنتظره.
فردت:
لو عكست لكنت أقرب إلى الصواب. فالعمل في عطلة الأحد هو المستغرب عندنا. لولا أنه فرصتي الوحيدة لكي أقف هنا حين ترين. وأما اشتغالي بالمطبخ فلعلي أتجاوز به نطاق مهنتي. إذ هو نوع من العلاج لحالة قلق أعانيها وتعانيها معي سيدات أخريات من المشتغلات بالأعمال العامة.
ولما سألتها عن سر هذا القلق - مع استقرار الوضع الاجتماعي للمرأة الغربية أجابت بأن ذلك القلق لا صلة له بمتاعب الانتقال المفروضة على جيل الطليعة من نساء الشرق وأنما هو صدى شعور ببدء تطور جديد يتوقع حدوثه علماء الاجتماع والفيسيولوجيا والبيولوجيا في المرأة العاملة .. وذلك لما لحظوا من تغير بطيء في كيانها لم يثر الانتباه أول الأمر ما سجلته الاحصاءات من اطراد النقص في المواليد بين العاملات .. وكان المظنون أن هذا النقص اختياري محض وذلك لحرص المرأة العاملة على التخفف من أعباء الحمل والوضع والإرضاع تحت ضغط الحاجة والاستقرار في العمل .. ولكن ظهر من استقرار الإحصاءات أن نقص المواليد للزوجات العاملات لم يكن أكثره عن اختيار بل عن عقم استعصى علاجه .. وبفحص نماذج شتى منوعة من حالات العقم اتضح أنه في الغالب لا يرجع إلى عيب عضوي ظاهر .. مما دعا العلماء إلى افتراض تغير طارئ على كيان الأنثى العاملة نتيجة لانصرافها المادي والذهني والعصبي عن قصد أو غير قصد عن مشاغل الأمومة ودنيا حواء وتشبثها بمساواة الرجل ومشاركته في ميدان عمله." (1)
عائشة عبد الرحمن " بنت الشاطئ " الأديبة العربية المسلمة كانت تنادي، وبصوت عال بأن لغة العرب وقوّتها وعالميتها مرتهنة بقوّة شعوبها في الحفاظ عليها والتمسك بها، وأن وجه الخطورة والتحديات التي تتعرض لها اللغة العربية أكبر من الغزو الفكري والعقائدي والاعتداء على أراضيها ونهب ثرواتها؛ وما على العرب إلا أن ينتبهوا لتراث أسلافهم وأمتهم، وأن يكونوا دائما محافظين على لغتهم، وألا ينسلخوا عن قوميتهم وشخصيتهم العربية الإسلامية التي رفعهم الله إليها.
وتتساءل هل لمثل هذه الأمة أن تقبل بأن تُمتهن لغتها ويُسرق لسانها؟.
" الأمة قد تُمتحن باحتلال أرضها فتناضل من أجل الحرية حتى تستردها على المدى القصير أو الطويل.
وتُمتحن باغتصاب خيرات أرضها وأرزاق بنيها، فتتحمل الجوع والحرمان، وتقتات من أملها المرجو في الخلاص.
بل قد تحارب في عقيدتها، فيتصدى الضمير الشعبي لحمايتها، بالرفض والتعدّي.
لكنها حين تُمتحن بسرقة لسانها تضيع!
تُمسخ شخصيتها القومية وتبتر من ماضيها وتراثها وتاريخها، ثم تظل محكوما عليها بأن تبقى أبداً تحت الوصاية الفكرية والوجدانية للمستعمر، حتى بعد أن يجلو عن أرضها." (2)
بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك في الدفاع عن قدسية لغتنا العربية الخالدة شعار العرب والإسلام حينما تناولت هذا الميراث اللغوي البياني في كتابها " التفسير البياني للقرآن الكريم " لتمضي منافحة عن دلالات وأصول لغتنا العربية بما تحتويه من ذخائر بيانية، وفكرية أدبية خالدة.
ومما جاء على لسان الأستاذة إيمان الوزير:
" برعت بنت الشاطئ في إبراز دور اللغة العربية والغوص في أسبارها وتقفي بحورها عن طريق كتابها الشهير "التفسير البياني للقرآن الكريم" الذي تناولت فيه تفسير السور القصار من القرآن الكريم وذلك من وجهة نظر خاصة، حيث فسرت ألفاظ القرآن الكريم من الناحية اللغوية فعملت على تلمس الدلالات اللغوية الأصلية في مختلف استعمالاتها الحسية والمجازية، زاوجت من خلالها بين العقل والنقل في نقلها البياني، فثبتت ما نقله الأقدمون من تفسير مع ما يتفق والمنطق العقلي في قبول هذا التفسير، فاستطاعت بهذه الخطوة التجديد في التناول والهدف والتفنيد لآراء القدماء والمحدثين، موجدة بذلك منهجاً
¥