بنت الشاطئ وأدب المرأة المسلمة " بقلم: بنت الشهباء "

ـ[بنت الشهباء]ــــــــ[14 - عز وجلec-2010, صباحاً 12:31]ـ

بنت الشاطئ

وأدب المرأة المسلمة

أحوال الأديب وإبداعه لا يمكن الفصل بينهما وبين جوانب الحياة المختلفة التي تضفي أثرها عبر الأجواء والمتغيرات الحياتية والانهزامات والانكسارات التي تتعرّض لها أمته، ذلك لأنها تعكس أثرها في الخطاب الإبداعي من خلال عدسة قلمه التي يلتقط به النص فيتجاوز الإبداع الاستثنائي الذي يميّزه عن غيره من الأدباء، ويتعرّف حينها القارئ شخصية الأديب وبيئته ومراحل حياته من بين سطوره ...

من مصر العربية ومن على ضفاف نهر النيل بمحافظة دمياط نشأت وترعرعت الأديبة العربية المسلمة

عائشة عبد الرحمن

التي نسجت خيوطها الإبداعية بجدّ ونشاط، لتكون من أوائل الأديبات المبدعات من النساء اللواتي أثبتن بجدارة عظيمة مكانتهن وحضورهن على مستوى الفكر الإسلامي والأدبي ....

في عام 1913 ولدت حفيدة علماء الأزهر عائشة عبد الرحمن وسط بيئة ريفية محافظة لم تقبل لأبنائها أن تتأثر بتوجهات الفكر والثقافة الغربية ما دامت قادرة أن تبني لها حصنا قويا من تعاليم دينها ...

طموحاتها وتوجهاتها دفعتها إلى أن تتجاوز الصعاب والعوائق التي واجهتها من داخل أسرتها، بغية إكمال دراستها وتعرّف ثقافة العصر الحديث التي فرضت وجودها، واستطاعت بمساعدة جدها أن تتابع مسيرتها وتكمل طريقها مع التعليم الجامعي لتجمع بين ثقافتها الدينية، وما ينفعها ويزيدها علما ومعرفة من ثقافة عصرها ...

اختارت البداية في توجهاتها أن تبدأ عالم الصحافة باسم مستعار نظرا للبيئة الريفية الملتزمة التي كانت تفرض عليها آنذاك ألا تفرغ مواهبها وقدراتها الإبداعية خارج حدود أسرتها ...

فكانت من أوائل الأديبات العربيات التي كان لها حضور إعلامي بارز ومتميّز في مشاركاتها مع عالم الصحافة والنشر ليكون أول عمل لها في مجلة النهضة النسائية يحمل اسما مستعارا

" بنت الشاطئ "

اختارته لنفسها لتكون بالقرب من قضايا أمتها وعلى كل المستويات الفكرية والاجتماعية والثقافية عامة، وقضايا المرأة العربية المسلمة وتحريرها ومكانتها في الإسلام بوجه خاص ... ومن ثم تتابع طريقها دون توقف في النشر في جريدة الأهرام أكبر جرائد مصر العربية ....

انتسبت لجامعة القاهرة في كلية الآداب قسم اللغة العربية لتلتقي هناك بأستاذها في علوم القرآن أحد أعلام الفكر والثقافة آنذاك " الأستاذ أمين الخولي " وتستجيب لنصيحته التي كان مفادها إن أرادت أن تجعل من الدراسات الإسلامية جلّ اهتمامها فما عليها إلا أن تهضم وتفهم الأدب واللغة التي أنزل بها القرآن الكريم. وقد ساعدها أن تكون أهلا للعمل بنصيحة أستاذها أنها ترعرعت في بيت علم وفضل، نهلت منه غزير العلوم والدراسات الإسلامية والأدبية.

تزوجت من أستاذها الشيخ أمين الخولي وأنجبت منه ثلاثة أبناء، وكانت مثلا للمرأة الصالحة والأم المربية التي أرادت من خلالها أن تقول بأن المرأة المثقفة الواعية قادرة على أن تكون مثلا للزوجة الصالحة القانتة، والمربية الفاضلة، والأديبة المثالية في توجهاتها ونبل غايتها وهدفها.

لم تتوقف مسيرتها في عالم الأدب والفكر فكان لها أن حصلت على نيل رسالة الماجستير والدكتوراة في تحقيق ودراسة رسالة الغفران لأبي العلاء المعري ويكون لها السبق بأن يناقشها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

عائشة عبد الرحمن " بنت الشاطئ " سجلت للتاريخ والأجيال مواقف حاسمة في دفاعها عن الإسلام وقضايا أمتها، ودعوتها لتعليم المرأة المسلمة وفق طبيعتها، وفطرتها الأنثوية التي تتيح لها أن تحافظ على مكانتها ووجودها، وتفرض احترامها بعيدا عن كيد الخائضين والمتشدقين بتحرير المرأة الذين يريدونها سلعة تباع وتشترى وفق أهوائهم ...

بل إنها أرادت أن تحفظ للمرأة العربية المسلمة مكانتها؛ فلا تمتهن أنوثتها التي فطرها الله عليها، ولا تنسى طبيعتها الهادئة الرقيقة ودور الأم المتفرّغة لأمومتها، وإلا فالدمار والهلاك لأسرتها ومن حولها ...

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015