ـ[فالح الحجية]ــــــــ[08 - عز وجلec-2010, صباحاً 07:48]ـ
إبراهيم اليازجي
بقلم فالح الحجية الكيلاني
إبراهيم بن ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، ولد في بيروت في الثاني من شهر آذار سنة 1847 في بيت هو موئل اللغة والأدب.
تخرج إبراهيم اليازجي في مبادئ اللغة على يد أبيه الشاعر المعروف ناصيف اليازجي، ثم درس لنفسه كثيرا، فنال بجده واجتهاده وحبه للادب واللغة وذكائه المفرط مراده المنشود، فاصبح عالما من اعلام اللغة العربية وشاعر مجيد ا وقد نظم الشعر في صباه و ريعان شبابه وكان يوليه من الإتقان والعناية ما يولي كل أعماله الادبية واللغوية فجاء شعره غاية في الإبداع الشعري وقمة في الخيال الذي تاثر فيه بأ بيه، فرق أدبه وصفا خاطره وانتشرت شهرته في جودة النظم في مجتمعه وبقية الدول العربية فكان ان فاحتكم إليه فريق كبير من الأدباء وورد عليه من رسائل الشعراء الشيء الكثير حتى أصبح مجلسه لا يخلو من بحث شعري أو أدبي، الا انه رغب في دراسة العربية كلغة من نحو وصرف وبلاغة فرأى في ذلك ما يشغله عن سواه، فقرر هجر النظم وعكف على المطالعة والمدارسة كما انه درس العلوم الاسلامية وخاصة الفقه الحنفي على يد المرحوم الشيخ محي الدين اليافي أحد الأئمة الاعلام في ذلك الحين، فنال حظاً وافراً. من التعلم الفقهي على مذهب ابي حنيفة النعمان رحمه الله
التزم اليازجي القومية العربية وعمل في سبيل إحيائها وإذكائها في قلوب الناشئة العرب وبث الروح العربية المتوثبة في الشباب المثقف المتعطش الى الحرية، وكان يعمل على استقلال البلاد العربية ويطمح لجعلها متمتعة باستقلال تام عن الدولة العثمانية، ولهذا عندما تاسست الجمعية العلمية السورية التي أنشأت في بيروت سنة 1868 انتسب اليها وراح يبث افكاره بين اعضائها فكانت تتلى في اجتماعاتها قصائد عامرة ومقاطع شعرية مثيرة تتحدث بأمجاد العرب، أشهرها القصيدة التي أنشأها اليازجي والتي تجاوب صداها في البلاد العربية عامة .. والتي مطلعها
:
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب
فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
وفي سنة 1872 عُهد إليه تحرير جريدة (النجاح) فكتب فيها مقالات رائعة وبحوث مفيدة أظهرت مدى اقتداره اللغوي والادبي ومقدرته الشعرية فطارت معه شهرته،
عمد الآباء اليسوعيون إلى ترجمة الكتاب المقدس استعانوا باليازجي وفوضوا إليه تنقيح العبارة من حيث الإنشاء والسبك وانتخاب الألفاظ للمعنى المراد، فكان ذلك سبباً في دراسته اللغة العبرية والسريانية ليلبس عبارة الترجمة المعنى الأصيل بصدق وأمانة، فاستغرق عمله في ترجمة الكتاب المقدس للعربية نحو تسع سنوات حتى أخرجه بحلة أنيقة على أفضل ما يرجى بلاغة وصياغةً وفصاحة مفردات.
بعد أن فرغ اليازجي من تنقيح الكتاب المقدس، انصرف إلى تدريس اللغة العربية وآدابها في المدرسة البطريركية للروم الكاثوليك في بيروت، وفي هذه الأثناء اختصر ونقح كتب أبيه الشيخ ناصيف اليازجي، حيث كان مفاخراً بأدبه وعلمه، يؤلمه أن ينال أحد منه، فقد نظر في كتبه وأصلح الخطأ منها وقال أنه اختصرها، وقام بشرح ديوان أبي الطيب المتنبي ونسبه إلى أبيه لأن اباه كان قد بدأ العمل بشرحه ولم ينجزه
في عام 1884، اتفق مع الدكتور بشارة زلزل والدكتور خليل سعادة فأصدروا مجلة (الطبيب) فنشر فيها مترجما المقالات اللغوية والأدبية مما اثبت مقدرته في النشر والابداع، ولم يطل زمن الاتفاق أكثر من عام واحد.
وقيل آنسته مبادئ (الماسونية) وكانت حديثة العهد والثقافة فانخرط في سلك أعضائها وأعجب الناس بجرأته الأدبية ونزوعه إلى المبادئ الحرة والأخذ بكل جديد عن عقل وفهم وإدراك.
كان ابراهيم اليازجي كلما أرهقه تعب الكتابة والتأليف مال إلى الراحة وصرف أوقات فراغه في الرسم والحفر والموسيقى، وقيل أنه كان دون الرابعة عشرة من عمره حين وضع أول تقويم عربي. وكان له علم ثر وقدم راسخة في اللغة وادابها. عارفاً بموارد الكلام ومصادره، وبصيراً بجيده وسفسافه، طويل النفس في بحوثه اللغوية، بعيد غور الحجة. متمكن فيها
¥