ـ[أحمد بن الحسين]ــــــــ[17 - Nov-2010, مساء 04:37]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مُفَاتَحَة
إخوتي/أخواتي في منتدى الألوكة:
تحية طيبة و عيدكم مبارك سعيد
و بعد:
فهذه مقامة من بنات أفكاري، حررتها بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، و ضمنتها من الطرائف ما يشرح صدر قارئها و يبعثه على الارتياح لها. فإن حازت منكم على القبول و الرضى، كان ذلك هو المرتجى و المرتضى.
ولا يفوتني بالمناسبة أن ألتمس منكم موافاتي بملاحظاتكم وردودكم وتشجيعاتكم، فهي الحافز وراء كل إبداع و الدافع لكل يَرَاع.
المَقَامَةُ/الأُضْحِيَّة
حَدَّثَنَا شُحَيْمُ بْنُ لُحَيْمٍ قَال:
أَظَلَّنِي عيدُ الأضحى بظله، فتراءت لي قرون لَوْلبِيَّة في رُؤًى آنَ لها الأوانُ أَنْ تصيرَ مَرْئِيَّة، وعلمت أنْ لا مَفَرَّ من شراء أُضحِيَّة العيد و التَّنَعُّمِ بنعمة لِبَاسٍ جديد. فَقَرَعْتُ طُبُولَ الجُيُوب، وفَوَّضْتُ أََمْرِي لِعَلاَّمِ الغُيُوب، وقرَّرْتُ اصطحابَ صديق يكونُ لي سَنَدًا في الطريق، لكنَّهُ وَعَدَنِي بالرُّفْقَة وأوْفَى بالفُرْقََة، فرغِبْتُ عنه و تَرَحَّمْتُ على قول قائلهم:
[وما العجزُ إلا أنْ تُشَاوِرَ عاجزا
و ما العَزْمُ إلا أن تَهُمَّ وتَفْعَلاَ]
وسِرْتُ فَلَمَّا أَحَلَّنِي مِنَ الأسواق سُوق، وَرَدْتُهُ وأنا مخنُوق، لِكَثْرَةِ الغبار وتَوَهُّجِ شَمْسِ النَّهار. وقَبْلَ الشُّرُوعِ في تَفَحُّصِ البُطُون مِن ذَوَاتِ القُرُون، تَدافَعَتْ في رأسي كلُّ الظُّنُون، فَقَطَعْتُهَا بِاليَقِين وَناجَيْتُ نَفْسِي بَعْدَ حِين: عليك بِالْتِزَامِ الْحَِيْطَةِ والحَذَر، فَهُمَا سِلاَحُ المَرْءِ ضِدَّ غَدْرِ البَشَر! وصِرْتُ أَتَأَمَّلُ صُفُوفَ الأَكْبَاش وأَرْمُقُ وُجُوهَ القَرَاصِنَةِ الأَوْبَاش، إِلَى أَنْ أَخَذَتْ عيْنَايَ َرجُلاً واقِفًا على رأْسِ كبْشٍ يَمْلأُ العَيْن ويُرَغِّبُ صاحِبَهُ في إِرْجَاعِ الدَّيْن. وما إِنْ هَمَمْتُ بِسُؤَالِهِ عَنِ الثَّمَن حتَّى نَبَعَ نَابِعٌ مِنْ دَوْرَةِ الزَّمَن، فَبَشَّ في وَجْهِ البائع ومَلأَ بِالنُّقود يَدَيْه وجَرَّ الكبْشَ إِلَيْه، فَعَرَّجْتُ عَنْهُمَا وَردَّدْتُ في نفْسي:
في السوق كِفايةٌ وغَنَاء، وراحةٌ بعْدَ عَنَاء.
ثُمَّ تَوَجَّهْتُ إلى بائعٍ آخَرَ قَدْ تَوَسَّطَ قَطِيعًا مِنَ الغَنم، فَسَرَّحْتُ الطَّرْفَ مِنْهُ إلى كبْشٍ أَقْرَنَ مَلِيح، واقِفٍ لاَ يَستريح، أَسْنَانُهُ بَيْضَاء وَطَلْعَتُهُ غَرَّاء، وقُلْتُ: [قَسَمًا، إِنَّ فِيهِ لَدَسَمًا]، وَدَنَوْتُ مِنْ مَوْلاَهُ فَقُلْتُ:
بِكَمْ هَذِهِ البَهِيمَةُ يَا أَخَ العَرَب؟ فَأَجَابَ مِنْ فَوْرِهِ: لاَ تَقُلْ بَهِيمَة، فَتَنْدَمَ على حُكْمِ القِيمَة! قُلْتُ: أَوَ تَأَنْسَنَ الكَبْشُ؟ قال: ثَمَنُهُ يُؤَنْسِنُه وقَوَامُهُ يُزَيِّنُه وَوَزْنُهُ يُعَيِّنُه! قُلْتُ: [كُلُّ فَتَاةٍ بِأَبِيهَا مُعْجَبَةٌ]، دَعْكَ مِنْ هذا وَأَسْمِعْنِي لَحْنَ الثَّمَن. فقال: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذا الكبْشَ لاَ يُنَاسِبُكَ وَلاَ تُنَاسِبُه! فَابْحَثْ لَكَ عَنْ جَدْيٍ رَضِيع تَفْطِمُهُ في فَصْلِ الرَّبِيع! فقُلْتُ: وَيْحَكَ ما أَطْوَلَ لِسَانَك! ثُمَّ [أَعْرَضْتُ عَنْهُ صَفْحًا وَطَوَيْتُ دُونَهُ كَشْحًا] حَتَّى أَتَيْتُ آخَرَ مِنْهُمْ قَدْ أَمْسَكَ بِجُمْعِهِ على كبْشٍ يُشَارِكُ أَقْرَانَهُ في السُّمْنَة، وَيَزِيدُ عَلَيْهِمْ بِالصُّوفِ وَصَفَاءِ السَّحْنَة، فَأَعَدْتُ على صَاحِبِهِ صِيغَةَ السُّؤَال، وَأَدْخَلْتُ يَدَيَّ في جَيْبِي اسْتِعْدَادًا لِدَفْعِ المَال، فَمَا لَبِثَ أَنْ أَجَابَنِي دُونَ أَنْ يَسْتَجْوِبَنِي: ثَلاثةُ آلافِ دِرْهَمٍ كامِلةً غيرَ مَنْقُوصَة وتَامَّةً غيرَ مَخْصُوصَة؟ فَرَفَعْتُ كَفَّيَّ إلى السَّمَاء وقُلْتُ: ما هذا الغَلاَء! قدْ غَالَيْتَ في الثَّمَن. فَعَمَدْتُ إلى المُطَاوَلَة بالمُمَاطَلَة وإلى المُغَامَرَة بِالمُرَاوَغَة، عَسَاهُ يُعِيدُ النَّظَرَ في مَطْلَبِه، بَعْدَ أَنْ أُلِحَّ في طَلَبِه. فَتَوَجَّهَ إِلَيَّ قَائِلاً: مُدَّ يَدَكَ لِتَفْحَصَه ودَقِّقِ النَّظَرَ حَتَّى تُمَحِّصَه، وإِيَّاكَ أَنْ تُنَغِّصَه، فَإِنَّ لِهَذا الكبْشِ بِالذَّات، حُقُوقًا وَوَاجِبَات. فَفَحَصْتُهُ
¥