وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أوابد رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: (عذراء الهند)، ورواية (لادياس)، و (ورقة الآس)، و (أسواق الذهب)، وقد حاكى فيه كتاب (أطواق الذهب) للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.
وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه (الشوقيات)، ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه (الشوقيات المجهولة) ..
ألف شوقي ديوانه الشوقيات ويقع في أربعة أجزاء ويتضمن سيرته ومجمل شعره
وأنتج فى أخريات سنوات حياته مسرحياته الشعرية وقد استمد اثنتين منها من التاريخ المصري القديم، وهما مصرع كليوباترا وقمبيز
ومسرحية اخرى من التاريخ الإسلامي هي مجنون ليلى، وأخري من التاريخ العربي القديم هي عنترة
وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي علي بك الكبير، وله مسرحية نثرية هي أميرة الأندلس
ومسرحيتان هزليتان، هما: الست هدي، والبخيلة.
ولأمر غير معلوم كتب مسرحية أميرة الأندلس نثرًا، مع أن بطلها أو أحد أبطالها البارزين هو الشاعر المعتمد بن عباد.
وقد غلب الطابع الغنائي والأخلاقي على مسرحياته، وضعف الطابع الدرامي، وكانت الحركة المسرحية بطيئة لشدة طول أجزاء كثيرة من الحوار، غير أن هذه المآخذ لا تُفقِد مسرحيات شوقي قيمتها الشعرية الغنائية، ولا تنفي عنها كونها ركيزة الشعر الدرامي في الأدب العربي الحديث.
في بداية النهضة العربية الشعر العربي كان كأنه على موعد مع القدر، ينتظر من يأخذ بيده، ويبعث فيه روحًا جديدة تعيد فيه الحركة والحياة، وتعيد له الدماء في الأوصال، فتتورد ابياته وتزدهر بنضرة وجمالً مبدع - بعد أن ظل قرونًا عديدة واهن المعنى اسير الحكاياة والمحاكاة، قليل الحركة، كليل الموسيقى الشعرية اوالقوافي والابداع.- ليعيد نشاطه الواسع والثابت في النفوس العربية المتعطشة اليه
وشاء الله تعالى أن يكون البارودي هو الذي يعيد الروح إلى الشعر العربي، ويلبسه أثوابًا قشيبة، زاهية اللون، بديعة الشكل والصورة، ويوصله بماضيه التليد، بفضل موهبته الفذة وثقافته الواسعة وتجاربه الغنية.
ولم يشأ الله تعالى أن يكون البارودي هو وحده فارس الحلبة ونجم عصره- وإن كان له فضل السبق والريادة- فلقيت روحه الشعرية الوثابة نفوسًا تعلقت بها، فملأت الدنيا شعرًا بكوكبة من الشعراء من أمثال: إسماعيل صبري، وحافظ إبراهيم، وأحمد محرم، وأحمد نسيم، وأحمد الكاشف، وعبد الحليم المصري. في مصر والكاظمي والزهاوي والرصافي في العراق وناصيف اليازجي واولاده في الشام وابوالقاسم الشابي في تونس وغيرهم كثير ومنهم شعراء المهجر وكان أحمد شوقي هو نجم هذه الكوكبة وأميرها بلا منازع عن رضى واختيار، فقد ملأ الدنيا بشعره، وشغل الناس، وأشجى القلوب
نظم شوقي العديد من القصائد في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) تعتبر من أبدع شعره ومن أشهر قصائده نهج البردة التي عارض فيها البوصيري في بردته ومنها يقول:
رزقتَ أسمح ما في الناس من خُلق
إذا رزقت التماس العذر في الشيم
يا لائمي في هواه والهوى قدرٌ
لو شفّك الوجدُ لم تعذل ولم تلم
لقد أنلتك أُذناً غير واعيةٍ
وربَّ منتصتٍ والقلبُ في صمم
وتعتبر قصائد (ولد الهدى\ وسلوا قلبي\ و نهج البردة) من أهم القصائد الإسلامية لشوقي، وتقع قصيدة (ولد الهدي) في مائة وواحد وثلاثين بيتًا، اختارت منها أم كلثوم أربعة وثلاثين بيتًا، وأعادت ترتيبها على غير ترتيبها في الديوان وغنتها فكانت بداعة في الاداء والشعر المغنى من ألحان رياض السنباطي ومنها:
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ
لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ
وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
في اللَوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اسمُ الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ
¥