الثورة العرابية

تم كشف مؤامرة قام بها بعض الضباط الجراكسة لاغتيال البارودي وعرابي، وتم تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين، فقضت بتجريدهم من رتبهم ونفيهم إلى أقاصي السودان، ولمّا رفع "البارودي" الحكم إلى الخديوي توفيق للتصديق عليه، رفض بتحريض من قنصلي إنجلترا وفرنسا، فغضب البارودي، وعرض الأمر على مجلس النظار، فقرر أنه ليس من حق الخديوي أن يرفض قرار المحكمة العسكرية العليا وفقًا للدستور، ثم عرضت الوزارة الأمر على مجلس النواب، فاجتمع أعضاؤه في منزل البارودي، وأعلنوا تضامنهم مع الوزارة، وضرورة خلع الخديوي ومحاكمته إذا استمر على دسائسه.

انتهزت إنجلترا وفرنسا هذا الخلاف، وحشدتا أسطوليهما في الإسكندرية، منذرتين بحماية الأجانب، وقدم قنصلاهما مذكرة في (7 من رجب 1299هـ = 25 من مايو 1882م) بضرورة استقالة الوزارة، ونفي عرابي، وتحديد إقامة بعض زملائه، وقد قابلت وزارة البارودي هذه المطالب بالرفض في الوقت الذي قبلها الخديوي توفيق، ولم يكن أمام البارودي سوى الاستقالة، ثم تطورت الأحداث، وانتهت بدخول الإنجليز مصر، والقبض على زعماء الثورة العرابية وكبار القادة المشتركين بها، وحُكِم على البارودي وستة من زملائه بالإعدام، ثم خُفف إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب.

أقام البارودي في الجزيرة سبعة عشر عامًا وبعض عام، وأقام مع زملائه في "كولومبو" سبعة أعوام، ثم فارقهم إلى "كندي" بعد أن دبت الخلافات بينهم، وألقى كل واحد منهم فشل الثورة على أخيه، وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائر الإسلام.

وطوال هذه الفترة كان البارودي ينشد الشعر ويقرض القصيد فكانت قصائده خالدة، في المنفى يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، واشتدت وطأة المرض عليه، ثم سُمح له بالعودة بعد أن تنادت الأصوات وتعالت بضرورة رجوعه إلى مصر، فعاد في (6 من جمادى الأولى 1317هـ = 12من سبتمبر 1899م).

. بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الإحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في كانون الاول عام 1882 إلى جزيرة سرنديب. اي جزيرة سريلانكا الحالية

مع مجموعة من رفاقه الثوار وعندها اطل شاعرنا على ساحل مصر ليلقي عليه نظرة وداع وحسرة المت بقلبه، وما تكاد الباخرة تغادر أرض النيل الى جزيرة سرنديب حتى تشتد عواطف الشاعر الدافقة لتتحول إلى مشهد حزين ينتهي إلي تجربة شعرية صادقة تتجسد في قصيدته النونية:

ولما وقفنا للوداع وأسبلت

أهبت بصبري أن يعود فعزّني

وما هي ألا خطرة ثم أقلعت

مدامعنا فوق الترائب كالمزنٍ

وناديت حلمي أن يثوب فلم يغن

بنا عن شطوط الحي أجنحة السفن

ظل في المنفى أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه , بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره وبناء على توصية الاطباء تقررت عودته إلى وطنه مصر للعلاج، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر عام 1899 وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد قصيدته أنشودة العودة التي تعتبر من روائع

أبابلَ رأي العين أم هذه مصر ُ

فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ

نواعسَ أيقظن الهوى بلواحظٍ

تدين لها بالفتْكةِ البيضُ و السمرُ

فليس لعقلٍ دون سلطانها حمىً

ولا لفؤادٍ من غشْيَانِها سترُ

فإن يكُ موسى أبطل السحرَ مرةً

فذلك عصر المعجزات و ذا عصرُ

وطوال هذه الفترة كان البارودي ينشد الشعر ويقرض القصيد فكانت قصائده خالدة، في المنفى يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، واشتدت وطأة المرض عليه، ثم سُمح له بالعودة بعد أن تنادت الأصوات وتعالت بضرورة رجوعه إلى مصر، فعاد في (6 من جمادى الأولى 1317هـ = 12من سبتمبر 1899م).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015