ـ[عبدالحي]ــــــــ[18 - Jan-2008, مساء 03:09]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تفسير سورة التّين

مكية و آياتها ثمان

(التين و الزيتون و طور سينين و هذا البلد الأمين) أقسم الله تعالى بالتين و الزيتون , و هو الأرض المقدسة التي ينبت فيها ذلك , و منها بُعث المسيح عيسى بن مريم و أنزل عليه فيها الإنجيل , و أقسم بطور سيناء و هو الجبل الذي كلم الله موسى و ناداه فيه , من واديه الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة , و أقسم بهذا البلد الأمين الذي جعله الله حرما آمنا و يتخطف الناس من حوله و هو مكة الذي أسكن فيها إبراهيم إبنه , و أمه هاجر فيه. و أرسل فيه محمدا صلى الله عليه و سلم.

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى (" و التين و الزيتون و طور سينين و هذا البلد الأمين " إقساما منه بالأمكنة الشريفة المعظمة الثلاثة , التي ظهر فيها نوره هذا , و أنزل فيها كتبه الثلاثة: التوراة و الإنجيل و القرآن).

(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) تام الخلق , متناسب الأعضاء , منتصب القامة , لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرا أو باطنا شيئا , و مع هذه النعم العظيمة , التي ينبغي منه القيام بشكرها , فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم , مشتغلون باللهو و اللعب , قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمور , و سفاسف الأخلاق , فردهم الله إلى أسفل سافلين.

(ثم رددناه إلى أسفل سافلين) أي جعلناه أسفل من سفل , و هم أصحاب النار , لعدم جريانه على موجب ما خلقناه عليه من الصفات التي لو عمل بمقتضاها لكان في أعلى عليين.

(إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون) إلا من منّ الله عليه بالإيمان و العمل الصالح , و الأخلاق الفاضلة العالية , " فلهم " بذلك المنازل العالية و " أجر غير ممنون " أي غير مقطوع , بل لذات متوافرة , و أفراح متواترة , و نعم متكاثرة في أبدٍ لا يزول , ونعيم لا يحول.

(فما يكذبك بعد بالدين) أي شيء يا ابن آدم يحملك على التكذيب بيوم الجزاء على الأعمال , و قد رأيت من آيات الله الكثيرة ما به يحصل لك اليقين , و من نعمه ما يوجب عليك أن لا تكفر بشيء مما أخبرك به.

و جُوِّز أن يكون الخطاب للنبي صلى الله عليه و سلم فيكون ذلك إنكار توبيخي للمكذبين له صلى الله عليه و سلم , بعدما ظهر لهم من دلائل صدقه و صحة مدعاه.

(أليس الله بأحكم الحاكمين) أي بأحكم من حكم في أحكامه الذي لا يجور و لا يظلم أحدا , و من عدله أن يقيم القيامة فينصف المظلم في الدنيا ممن ظلمه. قال أبو السعود " أي أليس الذي فعل ما ذكر بأحكم الحاكمين صنعا و تدبيرا , حتى يتوهم عدم الإعادة و الجزاء , و حيث استحال عدم كونه أحكم الحاكمين , تعين الإعادة و الجزاء , فالجملة تقرير لما قبلها "

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[19 - Jan-2008, صباحاً 12:12]ـ

واصل بارك الله فيك!

ـ[عبدالحي]ــــــــ[20 - Jan-2008, مساء 05:39]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جزاكم الله تعالى كل خير

ـ[عبدالحي]ــــــــ[22 - Jan-2008, مساء 03:06]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تفسير سورة الشرح

مكية و آياتها ثمان آيات

(ألم نشرح لك صدرك) أي نورناه و جعلناه فسيحا رحيبا واسعا لشرائع الدين و الدعوة إلى الله , و الإتصاف بمكارم الأخلاق , و الإقبال على الآخرة , و تسهيل الخيرات , فلم يكن ضيقا حرجا , لا يكاد ينقاد لخير , و لا تكاد تجده منبسطا.

و كما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحا سهلا لا حرج فيه و لا إصر و لا ضيق.

(ووضعنا عنك وزرك) النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن له وزر حقيقة , لأنه كان محفوظا بحفظ الله تعالى فلم يسجد لصنم و لم يشرب خمرا و لم يقل أو يفعل إثما قط.

فالأنبياء و الرسل معصومون من الكبائر , و من الصغائر على الراجح , إذا ماهي ذنوب الأنبياء؟ قال العلماء: ذنوب الأنبياء هي ما كان خلاف الأولى عن اجتهاد يعني يجتهد و لا يصيب الأولى , مثلما اجتهد النبي صلى الله عليه و سلم في أسرى بدر حيث قبل الفدية و أطلق سراحهم , فكان هذا اجتهاد , الله تعالى عاتبه عليه و قال " لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم " قاله الشيخ عبد العظيم بدوي في الدقيقة 53:01.

(الذي أنقض ظهرك) قال غير واحد من السلف أي أثقلك حمله. و الإنقاض: حصول النقيض و هو صوت فقرات الظهر , و قيل: صوت الجمل أو الرحل أو المركوب إذا ثقل عليه. فالإنقاض التثقيل في الحمل حتى يسمع له نقيض , أي صوت.

(و رفعنا لك ذكرك) أي: أعلينا قدرك , و جعلنا لك الثناء الحسن العالي , الذي لم يصل إليه أحد من الخلق , فلا يذكر الله إلا ذكر معه رسوله صلى الله عليه و سلم , كما في الدخول في الإسلام , و في الأذان و الإقامة و الخطب , و غير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله صلى الله عليه و سلم. و له في قلوب أمته من المحبة و الإجلال و التعظيم ما ليس لأحد غيره , بعد الله تعالى , فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيا عن أمته.

(فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) بشارة عظيمة , أنه كلما وجد عسر و إن بلغ من الصعوبة ما بلغ فإنه في آخره التيسير الملازم له , حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه , كما قال تعالى " سيجعل الله بعد عسر يسرا ".

و تعريف " العسر " في الآيتين , يدل على أنه واحد , و تنكير " اليسر " يدل على تكراره , فلن يغلب عسر يسرين.

(فإذا فرغت فانصب) إذا فرغت من أمور الدنيا و أشغالها و قطعت علائقها , فانصب في العبادة , و قم إليها نشيطا فارغ البال , و أخلص لربك النية و الرغبة. و عن ابن مسعود: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل. و قال ابن عباس " فإذا فرغت فانصب ": يعني في الدعاء. و قال زيد بن أسلم و الضحاك " فإذا فرغت " أي: من الجهاد " فانصب " أي في العبادة.

(و إلى ربك فارغب) إرغب بعد كل عمل تقوم به في مثوبة ربك و عطائه و ما عنده من الفضل و الخير إذ هو الذي تعمل له و تنصب من أجله فلاترغب في غيره و لا تطلب سواه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015