ـ[نواف السماري]ــــــــ[02 - May-2007, مساء 11:13]ـ
رأيت أمي ترفع كفيها إلى السماء وتطلب من الله مالا قد أتخيل بلوغه, تطلب وتشد الطلب في وصولي إلى منزلة المعالي ومراتب العلا, وأنا بنفسي لا أطيق حالي من عمل وما أنا إلا طالب في مدرسة, شغلي الشاغل واجب الغد وإختبار اليوم, وصبري نافد للعطل وأعد أيام ولادتها, لأبدأ وقت لعب جديد ومرح غير منقطع, وسهر ليال متبع, على شاشات التلفاز والسياحة في الشوارع .....
لا أدري إلى أين تريدني أمي أن أصل, فأنا أديت واجباتي المدرسية واجتزت إختباراتي, ومازلت أكدح للجامعة, ومازالت ترفع كفيها إلى السماء وتدع الله لرفع منزلتي ...
هذه هي حالي بالسابق علامات تعجب واستفهام على كل من يكدح الليل والنهار في قراءة كتاب أو ثنى الركب عند العلماء, وأما أنا فلم أكن أطيق صبراً على حصة واحدة من حصص المدرسة, ولاعجب فإن حال الأغلب من الطلاب كذلك, ولم أرى قط طالب في المدرسة يحب الدراسة والعلم, و إن اجتهد فمن أجل الشهادة, وكل ذلك بسبب أمور كثيرة من أهمها هو المعلمين في الأغلب لا يدرس إلا من أجل الراتب ولا يهمه أبداً هذا العلم وهذه الأمانة التي سيسأل عنها يوم القيامة, وهذا من أكبر الأسباب وأهمها في سبب تدهور العلم لدينا, ولكن الكلام في هذا الموضوع يطول, ولأهميته سأكتب عنه فيما بعد إن شاء الله.
ولكنني الآن أفضل حالاً من ذي قبل ولا أقول وصلت بل أنا من أكبر المقصرين, ومع هذا أقول إن الهمة في جوارحي نار متأججة من صميم قلبي ولعلها خمدت مدة من الزمن ولكنها الآن انفجرت كالبركان وأخذت تجري في عروقي, تلتهم كل شرذمة من كسل في جسدي وما أن تصل إلى أطراف جسمي حتى تثور وتنصب بعدها ذلك الجبل مثل ما نتجت معظم الجبال من البراكين, وحتى يصبح هذا الجبل يحتاج إلى هذه الثورة والإندفاع البركاني الضخم في كل اتجاه, وحرق كل ذرة كسل ونسفها من الوجود, فبذلك ينتج ولو بعد زمن طويل ذلك الجبل الراسخ في العلم, ويظل شعلة بل بركان ثائر في وجوه الأعداء, صامد لهم لا يتزحزح قيد أنملة بتوفيق من الله, ويقوم بكسدهم وكنسهم عن الأرض, فهذا الجبل لن يرسخ أبداً إلا إذا أطلقت لذاك البركان الخامد في قلبك العنان, فلم إذاً هذا الخمول ما عليك إلا أن تعطي الإشارة لهذا المارد وسيقوم بدوره في حرق كل هذا الخمول والكسل.
فعند هذه اللحظة بعد أن أطلقت العنان لهذا المارد وبتوفيق من الله سينجح, عرفت الآن لماذا أمي كانت ترفع كفيها لله من أجلي, وكيف ذلك و كل إشارة في هذه الحياة تشير إلى العلو بالهمة فأول هذه الإشارات هو رفع كفي أمي إلى الأعلى وطلبها من الأعلى سبحانه وتعالى الأعلى لي من المنازل, فلا حظ هذه الإشارة ثلاث مرات ذكرت كلمة الأعلى, وهذا إشارة إلى أن الهمة عالية بقدر لاتتصوره ولكن اجعلها فقط تنطلق, والإشارات الأخرى كثيرة, فانظر إلى الذين مادون النهاية عندهم صغير, فمنهم همة ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه – وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سلْ " فقال: " أسألك مرافقتك الجنة ", انظر إلى هذه الهمة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرافقته أولاً وليس الجنة فقط, فلم يتردد لحظة بل قال بحلمه فوراً وبكل عزيمة وشوق إلى تحقيقه, فلا تنتظر يا أخي الآن قم واعمل, قم أطلق العنان لقواك الداخلية واجعل البركان يثور, واعمل ليل نهار, لنصر الإسلام, واعلم أن الله معك مادمت معه ذاكراً له وتتقيه أينما كنت, وسَيُسَخِرُ الله لك جنده لتقف جبلاً جباراً على الأعداء, وداحضاً لأباطيلهم, وأنت أيضاً ستفخر عندما تشعر بذاك الشعور أنك جنديٌ من جنود الله تقاتل الأعداء بكل ما أوتيت من قوة علم, وجلداً في صبرك, لرفع الوطن بالدين بعد أن انتشر الجهل فيه وتكالبت على الأمة هذه الفرق الضالة بسبب الجهل فأصبحوا تكفيريين وإرهابيين ضد كل ما قد يعقله العاقل ولن يزول هذا حتى نقوم أنا وأنت بالعلم ونترسخ فيه, فقم الآن فإن الأوان قد آن.
ولا أدخر شغل اليوم عن كسل
إلى غد إن يوم العاجز غد
أنت الآن من جنود الله فكوِّن لنفسك شعاراً يندرج تحت راية أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, فاجعل لذتك دائماً هي منالك وطموحك, ولكن أي لذة هذه, قال ابن القيم رحمه الله: "لذة كل أحد على حسب قدره وهمته وشرف نفسه, فأشرف الناس نفساً وأعلاهم همّة وأرفعهم قدراً من لذتهم في معرفة الله ومحبته, والشوق إلى لقائه, والتودد إليهم بما يحبه ويرضاه" , فلذتي الآن محبة الله ورضاه, إذاً هي لذتي منالي.
ـ[المقرئ]ــــــــ[02 - May-2007, مساء 11:27]ـ
جميل جدا يا أخ نواف وبارك الله فيك
والعلم لا يحتاج إلى همة فقط
العلم يحتاج إلى صفاء نفس، وراحة بال،
وأعظم من ذلك كله: قطع العلاقة بلذيد الفاني من الحياة
كثيرون حرموا العلم بسبب الاشتغال بالدنيا أرادوا جمع الثنتين وما علموا أن الجمع محرم إلى أبد
جزاكم الله خيرا
¥