لكني ألومه على ذلك أشد اللوم وبالله تعالى التوفيق.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[18 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, صباحاً 12:13]ـ

وجدت أفضل نعم الله تعالى على المرء، أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره.

وأما من طبع على الجور واستسهاله، وعلى الظلم واستخفافه، فلييأس من أن يصلح نفسه أو يُقَوِّم طباعه أبداً، وليعلم أنه لا يفلح في دين، ولا في خلق محمود.

وأما الزهو، والحسد، والكذب، والخيانة، فلم أعرفها بطبعي قط، وكأنني لا حَمْد لي في تركها، لمنافرة جبلتي إياها، والحمد لله رب العالمين.

من عَيْبِ حبِ الذكر، أنه يحبط الأعمال إذا أحب عاملها أن يذكر بها، فكاد يكون شركاً؛ لأنه يعمل لغير الله تعالى، وهو يطمس الفضائل؛ لأن صاحبه لا يكاد يفعل الخير حباً للخير، لكن ليذكر به.

أبلغ في ذمك من مدحك بما ليس فيك؛ لأنه نبه على نقصك،

وأبلغ في مدحك من ذمك بما ليس فيك؛ لأنه نبه على فضلك،

ولقد انتصر لك من نفسه بذلك، وباستهدافه إلى الإنكار، واللائمة.

لو علم الناقص نقصه لكان كاملاً.

لا يخلو مخلوق من عيب، فالسعيد من قلت عيوبه ودقت.

الإخوان والنصيحة والصداقة

استبقاك من عاتبك، وزهد فيك من استهان بسيئاتك.

العتاب للصديق كالسبك للسبيكة؛ فإما تصفو، وإما تطير.

من طوى من إخوانك سره الذي يعنيك دونك = أخون لك ممن أفشى سرك؛ لأن من أفشى سرك فإنما خانك فقط، ومن طوى سره دونك منهم، فقد خانك واستخونك.

لا ترغب فيمن يزهد فيك، فتحصل على الخيبة والخزي.

لا تزهد فيمن يرغب فيك، فإنه باب من أبواب الظلم، وترك مقارضة الإحسان، وهذا قبيح.

أكتم سر كل من وثق بك، ولا تفشي إلى أحد من إخوانك ولا من غيرهم مِن سرك ما يمكنك طيه بوجه ما من الوجوه، وإن كان أخص الناس بك.

وابذل فضل مالك وجاهك لمن سألك أو لم يسألك، ولكل من احتاج إليك وأمكنك نفعه، وإن لم يعتمدك بالرغبة، ولا تشعر نفسك انتظار مقارضة على ذلك من غير ربك عز وجل، ولا تبن إلا على أن من أحسنت إليه أول مضر بك، وساع عليك، فإن ذوي التراكيب الخبيثة، يبغضون لشدة الحسد كل من أحسن إليهم إذا رأوه في أعلى من أحوالهم.

لا تنصح على شرط القبول

ولا تشفع على شرط الإجابة

ولا تهب على شرط الإثابة

لكن على سبيل استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة والشفاعة، وبذل المعروف.

حد الصداقة الذي يدور على طرفي محدوده هو:

أن يكون المرء يسوءه ما يسوء الآخر، ويسره ما يسره، فما سفل عن هذا فليس صديقاً، ومن حمل هذه الصفة فهو صديق، وقد يكون المرء صديقاً لمن ليس صديقه.

وليس كل صديق ناصحاً، لكن كل ناصح صديق فيما نصح فيه.

وحد النصيحة هو أن يسوء المرء ما ضر الآخر، ساء ذلك الآخر أو لم يسؤه، وأن يسره ما نفعه، سر الآخر أو ساءه، فهذا شرط في النصيحة زائد على شروط الصداقة.

وأقصى غايات الصداقة التي لا مزيد عليها من شاركك بنفسه، وبماله لغير علة توجب ذلك، وآثرك على من سواك.

ليس شيء من الفضائل أشبه بالرذائل من الاستكثار من الإخوان والأصدقاء، فإن ذلك فضيلة تامة متركبة؛ لأنهم لا يكتسبون إلا بالحلم، والجود، والصبر، والوفاء .. والعفة ... وتعليم العلم، وبكل حالة محمودة.

ولسنا نعني .. الأتباع أيام الحرمة، فأولئك لصوص الإخوان وخبث الأصدقاء، والذين يظن أنهم أولياء وليسوا كذلك.

ودليل ذلك انحرافهم عند انحراف الدنيا.

ولا نعني أيضاً المصادقين لبعض الأطماع، .. والمتآلفين على النيل من أعراض الناس، والأخذ في الفضول، وما لا فائدة فيه؛ فليس هؤلاء أصدقاء.

ودليل ذلك أن بعضهم ينال من بعض، وينحرف عنه عند فقد تلك الرذائل التي جمعتهم، وإنما نعني إخوان الصفاء لغير معنى إلا لله عز وجل، إما للتناصر على بعض الفضائل الجدية، وإما لنفس المحبة المجردة فقط.

ولكن إذا أحصيت عيوب الاستكثار منهم، وصعوبة الحال في إرضائهم، والغرر في مشاركتهم، وما يلزمك من الحق لهم عند نكبة تعرض لهم، فإن غدرت بهم أو أسلمتهم، لؤمت وذممت، وإن وفيت؛ أضررت بنفسك، وربما هلكت، وهذا لا يرضى الفاضل بسواه إذا تنشب في الصداقة.

وإذا تفكرت في الهم بما يعرض لهم وفيهم من موت أو فراق أو غدر من يغدر منهم؛ كاد السرور بهم لا يفي بالحزن الممض من أجلهم.

وليس في الرذائل أشبه بالفضائل من محبة المدح، ودليل ذلك أنه في الوجه سخف ممن يرضى به، وقد جاء في الأثر في المداحين ما جاء، إلا أنه قد ينتفع به في الإقصار عن الشر والتزيد من الخير، وفي أن يرغب في ذلك الخلق الممدوح من سمعه.

ـ[ابوالعباس الترهونى]ــــــــ[18 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, صباحاً 02:12]ـ

درر من هذا الامام رحمه الله تعالي

شكرا لك ... بارك الله فيك ...

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[22 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, مساء 09:21]ـ

حياك الله ونفعني الله بما كتب

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015