ـ[خلدون مكي الحسني]ــــــــ[13 - عز وجلec-2010, مساء 03:50]ـ
أيها الإخوة الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه هي المقالة التي ألقاها العلاّمة الدكتور مكِّي الحسني في افتتاح المؤتمر التاسع لمجمع اللغة العربية بدمشق.
والدكتور مكِّي هو الأمين العام للمجمَع.
وجدت فيها فائدة كبيرة، ومعلومات مهمّة، وأذكرتني مقولة العلاّمة الونشريسي المالكي رحمه الله: ((إذا فُقد اللسان العربي جملةً فُقِدَت مُتَعَبَّدَاته))، قال ذلك محذِّرًا أهل الأندلس المقيمين فيها، مستشهدًا بما آل إليه حال المسلمين في صقيلية بعد سقوطها! ودونكم المقالة.
بسم الله الرحمن الرحيم
- تنص لائحة المجمع الداخلية في مادتها العاشرة على أن أمين المجمع يقدم في حفل افتتاح المؤتمر السنوي، تقريرًا يعرض فيه منجزات المجمع في المدة التي انقضت بعد المؤتمر السابق. كما تنص في المادة الثالثة على أغراض المجمع، وأولها الحفاظُ على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب الآداب والعلوم والفنون، وملائمةً لحاجات الحياة المتطورة.
وثانيها: وضعُ المصطلحات العلمية والفنية والأدبية والحضارية، والسعيُ في توحيدها ونشرها في سورية والوطن العربي. بعد ذلك تأتي بقية أغراض المجمع.
وينص مرسوم المجمع في مادته الرابعة على أن من وسائل تحقيق أغراض المجمع وضعَ معجمات لغوية، ومعجمات للمصطلحات العلمية والتقانية، ذاتِ تعريفات محددة، ونشرَها. وتُعدِّد هذه المادة بعد ذلك بقية الوسائل.
في مجمعنا الآن عدد كبير من اللجان، يسهم كل عضو من أعضائه في ثلاث منها على الأقل، وبعضهم يسهم في خمس لجان. وسأعرض على حضراتكم بعد قليل خلاصة أعمال بعض هذه اللجان. وسوف تلاحظون التركيز على وضع المصطلحات العلمية والتقانية، لأن خصوم تعريب التعليم العالي، في بعض الدول العربية – يدَّعون تَعذُّر التعليم بالعربية، بسبب قلة المصطلحات العلمية.
وقبل أن أعرض منجزات مجمعنا خلال الدورة المجمعية المنصرمة، أرجو أن تسمحوا لي بأن أتوجَّه إلى الذين يغمِزون على المجمع، ويَهْمِزونه ويلْمِزونه، لأنه- في نظرهم- لم يَحُلَّ مشكلة تردّي مستوى التعليم، وتدنّي مستوى الأداء اللغوي لدى المتعلمين، كأن المجمع يملك عصاً سحرية، ولم يستعملْها ليقوِّم بها الاعوجاج ويزيلَ الفساد ... مع أن المجمع لا يملك صلاحية إنفاذ قراراته في مؤسسات الدولة! وقد حاول قريبا الحصولَ على هذه الصلاحية لكنه لم يُفلح، وهذا ما يَجْهلُه أويتجاهلُه الغمّازون ... فما حقيقة الأمر؟
تعاني لغتنا العربية في الوقت الراهن من مشكلتين:
· الأولى تردي مستوى التعليم والأداء اللغوي؛
· والثانية، وهي أخطر من الأولى وتساهم في تفاقُمها، هي استخفاف المتعلمين – فضلاً عن بقية الناس – بلغتنا الوطنية، وافتقارهم إلى الاعتزاز بها نتيجة شعورهم بالدُّونية، وانبهارِهم وافتتانِهم بحضارة الغرب ولغته، ومأكله وملبسه، وتسريحة شعره وطريقة غِنائه، وكل ما يتعلق بأسلوب حياته!
إن الواحد منهم لا ينظر إلى جهله بلغته على أنه أمر يَعيبه، ويتعمد أن يَرْطُنَ في كلامه ببضع كلمات أجنبية، للتفاخر وإظهار فوقيةٍ ثقافيةٍ أو اجتماعيةٍ مزعومة ... مع أنه قد لا يحسِن النطق بتلك الكلمات الأجنبية، وقد لا يعلم معناها ...
-قال الفيلسوف الفرنسي باسكال في القرنِ الرابعَ عشر:
«وطني هو اللغة الفرنسية»
-ويقول الأستاذ جاك بارا: «اللغة هي نظام فكري ثقافي، إذا خرج منه الإنسان، سقط في التشوش ... اللغة نظام فكري وبنية ويمكن للإنسان أن يتقن نظامين وثلاثةً بتميُّز، لكنه إن لم يبدأ بالنظام الأول الذي يكوِّن روحه الثقافية كإنسان، فإنه لن يغنَمَ من إتقان اللغات الأخرى إلا فقدانَ الهُوية، والاقتلاعَ والضَّياع ... أنا فرنسي وأتقن الإنكليزية، وأتقن أيضًا أن أفكر فيها علميًا وبحثيًا، لكنها لا يمكن أن تكون لغةً أُقدِّم نفسي بها، أي لغةَ روحي! لا يمكن لأمّةٍ أن تنهض بلغة أخرى، كما لا يمكن للروح أن تعيش في جسدٍ غير جسدها» اه
- نظم أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة عزّى فيها إمام اليمن بوفاة ابنه جاء فيها:
يُجامِلُك العَرَبُ النازحونْ **** وما العربيَّةُ إلا وَطَنْ
¥