ـ[محمد عبد ذياب الهيتي]ــــــــ[07 - صلى الله عليه وسلمug-2010, صباحاً 12:55]ـ
آية من المشكل الإعرابي في القرآن الكريم
) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا- الانبياء 22 (المشكل:
نال القرآن الكريم من عناية الباحثين والدارسين ما لم ينله أي كتاب آخر فظهرت الكثير من المؤلفات ومن هذه المؤلفات كتب إعراب القرآن كإعراب القرآن للنحاس والتبيان للعكبري وغيرهما من الكتب ذلك أنه أفضل علم تصرف إليه الهمم وتتعب فيه الخواطر ويسارع إليه ذوو العقول السليمة.
ثم ظهر نوع مختص ضمن هذه المؤلفات وهو المختص بالآيات التي حصل فيها خلاف في إعرابها وسميت بالمشكلة الإعراب ولعل أهم كتاب في هذا الفن هو كتاب مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب القيسي الذي كتب له مقدمة ألمح إلى أن دراسة كتاب الله من أجل العلوم ثم عرج على ذكر الإعراب وما ألف فيه لكنه انعطف كثيراً والتوى بعيداً عن مقصده عندما عاب على مؤلفي كتب إعراب القرآن في ذكرهم لحروف الخفض والنصب وبيان المبتدأ من الخبر مما هو ظاهر لا يحتاج إلى فضل وبيان (1).
وأراد أن يبين أهمية كتابه وذلك بأن التأليف يجب أن يكون في مشكله لا واضحه بقوله: ((وأغفل كثيراً مما يحتاج ألى معرفته من المشكلات فقصدت إلى تفسير مشكل الإعراب وذكر علله وصعبه ونادره ... فليس في كتاب الله عزوجل إعراب مشكل إلا وهو منصوص أو قياسه موجود)) (2).
والرأي أن لا أحد ينكر وجود آيات مشكلة الإعراب في كتاب الله تعالى إلا أن الإعراب مطلوب الواضح منه والمشكل وقد بدأه مكي القيسي بالبسملة وختمه بسورة الناس.
آية من المشكل:
من الآيات المحوجة إلى فضل تمحيص ودراسة وهي من المشكل الإعرابي قوله تعالى:) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا- الانبياء 22 (وهذه الآية من ركائز العقيدة الإسلامية القائمة على التوحيد المتوافق مع سلامة العقل البشري من الآفات والتحير والضلال وجاءت بأسلوب منعت فيه أن تتعدد الآلهة فبتعددها يحصل الفساد بقوله (لفسدتا) قال أبو السعود: ((لفسدتا أي لبطلتا بما فيهما جميعاً وحيث انتفى التالي علم انتفاء المقدم قطعاً)) (3).
الفسادُ نقيض الصلاح فَسَدَ يَفْسُدُ ويَفْسِدُ وفَسُدَ فَساداً وفُسُوداً فهو فاسدٌ وفَسِيدٌ فيهما ولا يقال انْفَسَد وأَفْسَدْتُه أَنا وقوله تعالى ويَسْعَوْنَ في الأَرض فساداً نصب فساداً لأَنه مفعول له أَراد يَسْعَوْن في الأَرض للفساد وقوم فَسْدَى كما قالوا ساقِطٌ وسَقْطَى قال سيبويه جمعوه جمع هَلْكى (4).
تصدرت الآية بالحرف الشرطي غير الجازم (لو) وهي من الأدوات التي يمتنع بها الشيء لامتناع غيره كقولنا (لو جاء زيد لأكرمته) ومعناه امتنع الإكرام لامتناع المجيء (5).
وفي هذه الآية امتنع فساد السموات والأرض لامتناع تعدد الآلهة واختلافهم (6).
(لو) هذه لها عدة معان ٍغير الامتناع فتأتي شرطية غير امتناعية كقوله تعالى:) وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ – الأنفال 23 (فهنا لا يصح الامتناع وآية ذلك أنه ليس بسديد أن يقال امتنع التولي لامتناع الإسماع لأنهم قد تولوا على كل حال أسمعهم أم لم يفعل (7).
وقد تأتي للتمني (8) نحو قوله تعالى:) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا – البقرة 167 (وقد تأتي بمعنى (إن) كقوله تعالى:) وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ – يوسف 17 (وقد تكون للتقليل نحو: (تصدقوا ولو بظلف محرق) (9).
التحليل الإعرابي:
لو أجرينا التحليل الأعرابي لقوله تعالى::) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا- الأنبياء 22 (وفق الألفاظ الواردة في الآية لتبين أمر المشكل الإعرابي فيها جلياً وقد ذكرنا ما تصدرت به الآية وهو (لو).
(كان) فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
(فيهما) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر تقديره كائناً بالنصب
الظاهري أو استقر بالنصب المحلي لأنه خبر كان مقدم وخبرها
منصوب كما هو معلوم.
(آلهة) اسم كان مؤخر مرفوع بضمة ظاهرة.
¥