فميَّزوا ذلك، ونَصُّوا عليه؛ كالبخاريِّ وأبي حاتمٍ وغيرِ واحد.
3 - ومثالُ ما وقعَتِ العِلَّة في المتنِ دون الإِسناد، ولا تَقْدَحُ فيهما: ما وقَعَ من اختلافِ ألفاظٍ كثيرةٍ من أحاديثِ الصحيحَيْنِ إذا أمكَنَ رَدُّ الجميعِ إلى معنًى واحدٍ؛ فإنَّ القَدْحَ ينتفي عنها ...
4 - ومثالُ ما وقعَتِ العِلَّةُ فيه في المَتْن، واستلْزَمَتِ القَدْحَ في الإِسناد: ما يرويه راوٍ بالمعنى الذي ظنَّه [22]، يكونُ خطأً [23]، والمرادُ بلفظِ الحديثِ غيرُ ذلك؛ فإنَّ ذلك يَسْتلزِمُ القَدْحَ في الراوي، فيعلِّلُ الإِسنادَ.
5 - ومثالُ ما وقَعَتِ العِلَّةُ في المتنِ دون الإِسناد: ما ذَكَرَهُ المصنِّفُ من أحدِ الألفاظِ الواردةِ في حديث أنس رضي الله عنه، وهي قوله: «لا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلاَ فِي آخِرِهَا»؛ فإنَّ أصلَ الحديثِ في الصحيحَيْنِ؛ فلفظُ البخاريِّ: «كانوا يَفْتَتِحون بالحمدُ للهِ رَبِّ العالمين».
ولفظُ مسلم في روايةٍ له: نَفْيُ الجهرِ، وفي روايةٍ أخرى نفيُ القراءةِ، وقد تكلَّم شيخُنَا [24] على هذا الموضعِ بما لا مَزِيدَ في الحُسْنِ عليه، إلا أنَّ فيه مواضعَ تحتاجُ إلى التنبيهِ عليها ... » إلى آخِرِ كلامِ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر "معرفة علوم الحديث" لابن الصلاح (1/ 502 - التقييد)، و"المنهل الروي" لابن جماعة (ص52)، و"الشذا الفياح" للأبناسي (1/ 202)، و"المقنع" لابن الملقن (1/ 212)، و"النكت على ابن الصلاح" (2/ 710)، و"فتح المغيث" للسخاوي (1/ 260)، و"تدريب الراوي" للسيوطي (1/ 408).
[2] في "شرح الألفية" (ص104).
[3] في "النكت الوفيّة، بما في شرح الألفية" (2/ 254 - تحقيق يحيى الأسدي).
[4] في "فتح المغيث" (1/ 261).
[5] في مقدمة تحقيقه لـ "شرح العلل" لابن رجب (1/ 22 - 23).
[6] كما في "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر (1/ 493 - 494)، و"فتح المغيث" (1/ 115 - 116).
[7] كما لو كان الحديث مرسلاً، أو معضَلاً، أو معلَّقًا، أو في سنده رجل متَّهم، أو ضعيف ... أو غير ذلك من الأسباب الظاهرة.
[8] كالحديث الذي كشف عِلَّتَهُ أبو حاتم الرازي _ح، ونقَلَ ذلك عنه ابنه عبدالرحمن في "العلل" (1957) فقال: وسمعتُ أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق ابن رَاهُوْيَه، عن بَقِيَّة؛ قال: حدثني أبو وَهْب الأَسَدِي؛ قال: حدثنا نافع، عن ابن عمر؛ قال: «لا تَحْمَدوا إسلامَ امرئٍ حتى تَعْرِفُوا عُقْدَةَ رأيه».
قال أبي: هذا الحديثُ له علَّة قلَّ مَنْ يَفْهَمُهَا؛ روى هذا الحديثَ عبيدالله بن عمرو، عن إسحاق بن أبي فَرْوَةَ، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيِّ (ص)، وعبيدُاللهِ بنُ عمرو كنيته: أبو وَهْب، وهو أَسَدِي، فكأنَّ بَقِيَّة بن الوليد كنَّى عبيدالله بن عمرو، ونسبه إلى بني أَسَد؛ لكيلا يُفْطَنَ به، حتى إذا ترَكَ إسحاقَ بنَ أبي فَرْوَة من الوسط لا يُهتدى له، وكان بَقِيَّةُ من أفعل الناس لهذا، وأما ما قال إسحاقُ في روايته عن بَقِيَّة، عن أبي وَهْب: «حدثنا نافع»، فهو وَهَمٌ، غير أن وجهه عندي: أن إسحاق لعلَّه حفظ عن بَقِيَّة هذا الحديثَ ولمَّا يَفْطَنْ لِمَا عَمِلَ بَقِيَّةُ؛ مِنْ تركه إسحاقَ من الوسط، وتكنيتِهِ عُبَيْدَاللهِ ابنَ عَمْرٍو، فلم يفتقدْ لفظَ بَقِيَّة في قوله: «حدثنا نافع»، أو «عن نافع».اهـ.
[9] وأمثلته كثيرة في أبواب العلل؛ كالحديث الذي رواه أبو معمر الْمُقْعَد عبدالله بن عمرو، عن عبد الوارث بن سعيد، عن أيوب السَّخْتياني، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ (ص) عَقَّ عن الحسن والحسين كبشَيْنِ.
وخالفه وُهَيب بن خالد، وإسماعيل بن عُلَيّة، وسفيان الثوري، وابن عيينة، وحماد ابن زيد، وغيرهم، فرَوَوْه عن أيوب، عن عكرمة، عن النبيِّ (ص) مرسلاً، ليس فيه ذكر لابن عباس. انظر "العلل" لابن أبي حاتم (1631)، و"المنتقى" لابن الجارود (912).
[10] في "النكت" (2/ 710).
[11] في "معرفة علوم الحديث" (ص112 - 113).
[12] في "معرفة علوم الحديث" (1/ 523).
¥