?.
* ومن تفسير الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ): ?فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً? فتحت الفاء لالتقاء الساكنين، و «إذَا» ظرف زمان والعامل فيه «جِئْنَا». ذكر أبو الليث السمرقندي: حدثنا الخليل بن أحمد قال حدّثنا ابن منيع قال حدّثنا أبو كامل قال حدّثنا فضيل عن يونس بن محمد بن فضالة عن أبيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في بني ظَفر فجلس على الصخرة التي في بني ظفر ومعه ابن مسعود ومعاذ وناس من أصحابه فأمر قارئاً يقرأ حتى إذا أتى على هذه الآية {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً} بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اخضلت وجنتاه؛ فقال: «يارب هذا على من أنا بين ظهرانيهم فكيف من لم أرهم» " وروى البخاري عن عبد الله قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي» قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت عليه سورة «النساء» حتى بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً} قال: «أمسِك» فإذا عيناه تذرفان " وأخرجه مسلم. وقال بدل قوله «أمسِك»؛ فرفعت رأسي ـ أو غمزني رجل إلى جنبي ـ فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل. قال علماؤنا: بكاء النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لعظيم ما تضمنته هذه الآية من هَوْل المطلع وشدّة الأمر؛ إذ يؤتى بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب، ويؤتى به صلى الله عليه وسلم يوم القيامة شهيداً. والإشارة بقوله «عَلَى هَؤلاَءِ» إلى كفار قريش وغيرهم من الكفار؛ وإنما خص كفار قريش بالذكر لأن وظيفة العذاب أشدّ عليهم منها على غيرهم؛ لعنادهم عند رؤية المعجزات، وما أظهره الله على يديه من خوارق العادات. والمعنى فكيف يكون حال هؤلاء الكفار يوم القيامة ? إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً ? أمُعذبين أم منعّمين؟ وهذا استفهام معناه التوبيخ. وقيل: الإشارة إلى جميع أمته. ذكر ابن المبارك أخبرنا رجل من الأنصار عن المِنْهال بن عمرو حدّثه أنه سمع سعيد بن المُسَيِّب يقول: ليس من يوم إلاّ تُعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أمته غُدوةً وعشيةً فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم؛ يقول الله تبارك وتعالى ? فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ ? يعني بنبيّها ? وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً ? وموضع «كَيْفَ» نصب بفعل مضمر، التقدير فكيف يكون حالهم؛ كما ذكرنا. والفعل المضمر قد يسدّ مسدَّ «إذَا» والعامل في «إذا» «جِئْنَا». و «شَهِيداً» حال. وفي الحديث من الفقه جواز قراءة الطالب على الشيخ والعرض عليه، ويجوز عكسه. وسيأتي بيانه في حديث أُبي في سورة «لم يكن»، إن شاء الله تعالى. و «شهيدا» نصب على الحال. اهـ
* ويعلق محمد الطاهر ابن عاشور (ت 1393 هـ) في تفسيره (تفسير التحرير والتنوير) « ... وكما قلت: إنه أوجز في التعبير عن تلك الحال في لفظ "كيف" فكذلك أقول هنا: لا فِعل أجمع دلالة على مجموع الشعور عند هذه الحالة من بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّه دلالة على شعور مجتمعٍ فيه دلائلُ عظيمة: وهي المسرّة بتشريف الله إيّاه في ذلك المشهد العظيم، وتصديقِ المؤمنين إيّاه في التبليغ، ورؤيةِ الخيرات التي أنجزت لهم بواسطته، والأسفِ على ما لحق بقية أمّته من العذاب على تكذيبه، ومشاهدةِ ندمهم على معصيته، والبكاء ترجمانُ رحمةٍ ومسرّة وأسف وبهجة .. «
* أما الألوسي (ت 1270 هـ) في تفسير روح المعاني يقول ملاحظاً: «فإذا كان هذا الشاهد تفيض عيناه لهول هذه المقالة وعظم تلك الحالة، فماذا لعمري يصنع المشهود عليه؟! وكأنه بالقيامة وقد أناخت لديه.».
¥