كُتب القرآن في المصحف بهذا الحرف (العرضة الأخيرة)، قالَ ابن تيمية: "فكذلك الأحرف السبعة، فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد، اجتمعوا على ذلك اجتماعًا سائغًا، وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة، ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور".
وهذا المصحف نُسخ ووزعَّ على الأمصار مكة، والشام, والبصرة، والكوفة، واليمن، والبحرين، والمدينة ... في عهد عثمان.
طبعا؛ بعد عهد عثمان مرورا بالدّولة الأمويّة والعبّاسيّة فإنّ هذا المصحف نسخ نسخا متعدّدة، وهكذا مرّت الأيّام حتّى رزقنا الله بالنّاسخات والطّابعات والآلات الحديثة ولا يزال المسلمون يطبعونه ويقرؤونه إلى اليوم كما هو حيث قرأه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- آخر مرّة، وآخر مصحف طُبع هو مصحف قطر.
طبعا؛ هذا المصحف الذي في بيوت المسلمين اليوم، والذي تناقلته الأمّة، والّذي جاء على حرف واحد، يُقرأ بأشكال مختلفة، فكل حرف من الحروف السّبعة كان يُقرأ على أشكال مختلفة -باعتقادي- بحيث إنّ هذا الحرف الّذي اعتمده الصّحابة آخر الأمر والّذي كان يحفظه زيد بن ثابت واُخذ منه، قرأه عليهم بأشكال مختلفة كلّها سمعها من الرّسول العظيم -صلّى الله عليه وسلّم- وكلّها تعلّمها الرّسولُ في آخر عرضة من جبريل عليه السّلام.
وكذلك فغيرُ زيد من الصّحابة كان حفظ من العرضة الأخيرة بشكل مختلف، كعلي وابن مسعود وأبي موسى الأشعري ... ؛ كلُّ واحدٍ يقرأ هذا الحرف بشكل معيّن، هذا الشّكل يكون في اللهجات وكيفية النطق وطرق الأداء من تفخيم، وترقيق، وإمالة، وإدغام، وإظهار، وإشباع، ومد، وقصر، وتشديد، وتخفيف ... إلخ.
وأخذ عن هؤلاء الصحابة خلق كثير من التابعين في كل مصر من الأمصار، وفي عهد التابعين على رأس المائة الأولى تجرد قوم واعتنوا بضبط القراءة عناية تامة، حين دعت الحاجة إلى ذلك، وجعلوها عِلمًا كما فعلوا بعلوم الشريعة الأخرى، وصاروا أئمة يُقتدى بهم ويُرْحل إليهم. واشتهر منهم, ومن الطبقة التي تلتهم الأئمة السبعة الذين تُنسب إليهم القراءات إلى اليوم، فكان منهم "بالمدينة": أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم نافع بن عبد الرحمن، وكان منهم "بمكة": عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، وكان منهم "بالكوفة": عاصم بن أبي النجود، وسليمان الأعمش، ثم حمزة، ثم الكسائي، وكان منهم "بالبصرة": عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمرو، وأبو عمرو بن العلاء، وعاصم الجحدري، ثم يعقوب الحضرمي، وكان منهم "بالشام": عبد الله بن عامر، وإسماعيل بن عبد الله بن المهاجر، ثم يحيى بن الحارث، ثم شريح بن يزيد الحضرمي. والأئمة السبعة الذين اشتهروا من هؤلاء في الآفاق هم: أبو عمرو، ونافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر، وابن كثير
وعلى هذا فأرجو ألا تخلطي بين الأحرف السّبعة والقراءات السّبعة المشهورة، فكلُّ هذه القراءات ما هي إلا حرف واحد، وكذلك فلتعلمي أنّ القراءات أكثر من سبعة (عشرة على الرّاجح) وكلّها حرف واحد.
قالَ شيخ الإسلام: "فإن القول المرضي عند علماء السلف الذي يدل عليه عامة الآحاديث و القراءات الصحابة أن المصحف الذي جمع عثمان الناس عليه هو أحد الحروف السبعة و هو العرضة الآخرة و أن الحروف السبعة خارجة عن هذا المصحف".
وقالَ: "فندب عثمان من ندبه أبو بكر وعمر وكان زيد بن ثابت قد حفظ العرضة الأخيرة فكان اختيار تلك أحب إلى الصحابة فإن جبريل عارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في العام الذي قبض فيه مرتين"
وهؤلاء القرّاء السّبعة أو العشرة قرأوا القرآن على تلامذتهم، على مدى العصور، وبعد ذلكَ صار طلبة العلم يأخذون عن شيوخ القراءات التلامذة، بحيث صار طالب العلم يجيد قراءة القرآن بعشر قراءات.
أمّا عن العامّة مثلي فإنّنا نقرأ بالقراءة المشهورة في بلدنا مثلا أنا في الأردن أقرأ بقراءة عاصم من رواية حفص، ويمكن ليبيا تقرأ بقراءة نافع رواية قالون، وفي السّودان- أبي عمرو بن العلاء، وهكذا .....
وممّا ينبغي الإشارة إليه أنّه في السّنوات الأخيرة طبعوا مصاحف مكتوبة بالرّموز الصّوتيّة، بحيث أنّ الإمالة التي يقرأ بها الإمام الكسائي، ولا يعلم مواضعها إلا طالب العلم الّذي أخذ القراءة عن شيخ، يستطيع أنْ يعرفها العامّي مثلي، فأنا قراءة دولتي (عاصم)، والمصحف الّذي عندنا غير مكتوب عليه إشارات أين الإمالة، فأنا أقدر على أن أشتري المصحف هذا –إنْ تيسّر الأمر- فأنظر وفيه مثلا أنّهم يُلوّنون موضع الإمالة باللّون البرتقالي، فإذا وجدت حرف مكتوب باللّون البرتقالي أقرأه بالإمالة، وممكن يضعون رمزا للإمالة بمصاحف أخرى مثلا (-) تحت الحرف وبذلك تعرف الإمالة.
مثلا (ثمّ استوى إلى السّماء)
والحمدُ للّه ربّ العالمين.
ـ[أمل*]ــــــــ[27 - عز وجلec-2010, مساء 06:40]ـ
جزاك الله خيرا
هل يفهم من ذلك أن الحروف الستة الاخرى لاوجود لها الآن وأن الناس تواتروا القراءة بالحرف الذي اعتمده عثمان رضي الله عنه، وأن القراءات العشرة ماهي إلا أشكال لهذا الحرف؟
¥