فأنتم مخيرون أيها الكافرون بوضع منهجكم لحياتكم، ولكن حريتكم تلك مقيدة بعدم الاعتداء على حريات الآخرين ومحاربة غيركم فيما يعتقدون ويؤمنون به، فأنا مستسلم إلى ربي أخطط وأسير متبعا خطوات الحق والوحي، فمستحيل علي أن أندمج بفكري وعقلي وجوارحي بما انخرطتم به من الضلال، لأن ذلك لا يتناسب مع ما تدثرت به وزملني الله، فأنتم لبستم الضلال والشرك والكفر وأنا لبست لباس التقوى والتوحيد لله، فكيف سيجتمعان الاثنان فذلك محال، فانطلقوا أنتم بما أردتم وسأنطلق أنا مستمرا بدعوتي وتوحيدي، وسيكون الله بيننا وسيحكم الله بكلمة الفصل فيما كان بيننا في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وسيُظهر صف الإيمان والصدق وينصره على الضلال والشرك، ليُنير بالهدى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم، وستكون المكافأة من الله والجزاء العظيم جزاء ما ثبتوا به على الحق، فيحقق لهم النصر القريب والفتح العظيم في الدنيا ثم يكون لهم الجزاء الأوفى والأعظم في جنات النعيم، أما الكافرين سيكون لهم أيضا جزاءاً بالإهلاك والعذاب الشديد في الدنيا ثم العذاب والعقوبة التي لن تنتهي ولن ترفع عنهم إلا ما شاء الله.
وهنا أيضا توضيح لحقيقة الصراع الذي سيستمر منذ ذلك الوقت ما بين الإيمان والكفر، وتعليم للأمة الإسلامية أن لا تنخرط في صفوف الكفر ومعتقداتهم وعاداتهم، ولا تذوب في سلوكياتهم وتحذوا حذوهم في التقليد لكل ما تأتي به، منبهرة بما يحمل من ملذات ومتع أنية، فأمة الكفر تعرف كيفية الدخول لنفوس المؤمنين وصفوف المسلمين فهي كالسم الذي لا يرى في قطعة الحلوى اللذيذة، فيظهرون صفات الخير والإصلاح والعدالة والمساواة ولكنهم لا يسعون بذلك إلا لبث قيم وأفكار لا تتناسب مع قيم الإيمان، وللأسف ينبهر كثير من المسلمين بما يصدر من الغرب ويتخلى عن ثقافته وتراثه الأصيل محاولا تقليد تراث الغرب والذوبان فيه، فالأخر لا يريد منا إلا أن تأخذ في زمن العولمة هذا ولا نطبق في حياتنا إلا ثقافة موحدة ترسم حسب أهداف وبرامج وخطط لا تهدف بكثير منها إلا لانحراف الإنسان وابتعاده عن أصل معتقده وفطرته وهو الدين الحق. فالأمة الإسلامية والشخصية الإيمانية يجب أن تبقى حذره مما يدخل عليها من قيم ومفاهيم، وتكون متميزة في فكرها وإنتاجها، وتُصدر للعالم أشرف العلوم والمعتقدات وتكون هي من تجذب الآخرين إليها بذلك التسامح والحب الإنساني الذي تمثل بهذا الدين وبشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشخصية الرسول التي تمثلت بصلابة ومتانة هذا الدين المتمثل بقوة إيمانه وحبه وإخلاصه لربه فهو القدوة الأولى والمعلم الأعظم الذي يجب أن تقتضي به أمة الإسلام أولا ثم البشرية جمعاء صلى الله عليه وسلم.
الفوائد التربوية والاجتماعية من السورة:
- أهمية صدق الاعتقاد والثبات عليه.
- لا يكون الاعتقاد سليما وصحيحا إلا إذا انطلق من منهج الله ورسوله.
- عدم التعصب الأعمى والتصلب العقدي لجاهلية الفكر والمنطق.
- العناد والكبر أهم ما يدمر حياة الإنسان وشخصيته وفلاحه.
- دين الله لا يساوم عليه ولا يفاوض به لأجل المصالح الذاتية أو غيرها.
- دين الله يدعو لحرية الرأي والمعتقد دون إكراه مع عدم الاعتداء على حرية الآخرين وظلمهم.
- الإنسان مخير بالإرادة ويحاسب على نتيجة اختياره.
- العبودية لله وحده تعطي الإنسان الحرية الواسعة من قيود الدنيا ومفاتنها.
- المجتمع والفرد المسلم يجب أن يبقيا متميزين ومؤثرين لا متأثرين بغيرهم من المجتمعات والأفراد.
تم بحمد لله وفضله
2010
آمال أبو خديجة
ـ[أبوعبدالعزيزالتميمي]ــــــــ[25 - عز وجلec-2010, صباحاً 12:02]ـ
إنها صيحة الإيمان الكبرى التي فجرت أفئدتهم بإعلان أن لا إله إلا الله ولا معبود إلا هو ولا وجود في الوجود إلا له سبحانه،.
تعبير صريح عن السماحة التي جاء بها دين الله، واتصفت بها شخصية رسول الله في سلوكه ومنهجه في التعامل مع من أنكروا دعوته، إخبار يعبر عن مدى احترام الإنسان وتقدير كرامته مهما نتج عنه من سوء الاعتقاد والفكر، المنهج القويم الذي لا إكراه فيه ولا إجبار في إتباعه، بل للإنسان حرية الاعتقاد بما يشاء وإتباع ما شاء ما دام أنه لا يعتدي على حقوق الآخرين، ولا يحاول التأثير فيهم ونشر معتقداته التي لا تتفق مع المنهج الرباني القويم، ما دام منشغلا بنفسه ويدور حولها دون الخروج بعيدا عنها. قال الله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف29
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي آمال أبوخديجة بارك الله فيك: ذكرت كلمة (لا اله الا الله ولا معبود الا هو ولا وجود في الوجود الا له سبحانه).
الكلمة هكذا لاتعطي المعنى الصحيح لكلمة التوحيد (لا اله الا الله) , فأهل العلم بينوا أن المعنى الصحيح لكلمة التوحيد هو: (لامعبود بحق الا الله) , بمعنى أوضح (لا مستحق للعبادة بحق الا الله) , ودليل ذلك قوله تعالى (ذلك بأن الله هو الحق وأن مايدعون من دونه الباطل) , أما ماذكرت فيمكن أن يقال أن كل ماعبد من دون الله انما هو عبادة لله وهذا معنى باطل بارك الله فيك, أما الثانية فباطل أيضا لأنه من المعلوم أن هناك في الوجود غير الله من مخلوقات كثيرة الملائكة والبشر والجن والسماوات وغيرها, هذه التعابير من تعابير أهل الحلول والاتحاد والعياذ بالله وما أظنك تقصد ذلك بارك الله فيك. الأمر الآخر ماذكرته بأن للكفار الحرية بأن يعتقدوا مايريدون بشرط أن لا يعتدوا على حقوق الآخرين الى غيرذلك من الكلام, أقول لك أخي الكريم لم شرع الجهاد في سبيل الله ودعوة الناس الى دين الله سبحانه وتعالى وضرب الجزية عليهم مادام أن لهم الحق في ما ذكرت, هل هذا يدخل في حرية الأديان, وتسامح الاسلام وأن الاسلام دين السلام وغيرها من الكلام الذي يظهر في الساحة من زمن ليس بالبعيد أرجو أن تعيد النظر في هذه المسائل بارك الله فيك, نسأل الله أن يوفقنا للخير والله أعلم وصلى الله على نبينا محمدوعلى آله وصحبه وسلم.