ـ[الدكتور / فتحي خطاب]ــــــــ[29 - Mar-2009, مساء 08:23]ـ
التحضيض
الحضُّ في اللغة: هو الحث والطلب بقوة، يقال حضه على الأمر: حثه بقوة ورغَّبه في فعله، و التحضيض مصدر حضّض المزيد بتضعيف العين في (حضَّ) (1).
والتحضيض عند النحاة هو الحثُّ والتحريض على عمل شيء باستعمال حرف من حروف التحضيض.
ويشتمل أسلوب التحضيض على ثلاثة معان هي:
أ ـ التحضيض، وهو التحريض على فعل شيء والترغيب فيه، والحثُّ عليه حثاً قوياً.
ب ـ العرض، وهو الطلب برفق ولين وأدب.
جـ ـ اللوم والتوبيخ على ترك الشيء المحضض عليه المرَغّب في فعله، أو على فعل الشيء المذموم المرغَّب في تركه، ومع اللوم والتوبيخ يكون التنديم (2).
ولهذا الأسلوب أدوات معينة تفيد معانيه السابقة، وهي خمسة حروف هي:
1 ـ هلاّ: بتشديد اللام، مركبة من حرفين: هل، لام (3).
2 ـلولا: مركبة من حرفين: لو، ولا، وتختص بالمضارع أوما في تأويله (4).
3 ـلوما: مركبة من حرفين: لو، وما. وزعم المالقي أنها لا تأتي إلا للتحضيض (5).
ـــــــــــــــــ
(1) لسان العرب، ابن منظور، 3/ 219، مادة (حضض).
(2) ينظر التدريبات اللغوية، د. إبراهيم عبد الله رفيدة، وأ. علي الطاهر الفاسي، أ. علي محمد المعل ط1، دار الملتقى للنشر، 1991، ص214، 21.
(3) الجنى الداني، المرادي، ص509.
(4) مغني اللبيب / ابن هشام، ص361.
(5) رصف المباني، المالقي، ص297.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
4 ـ ألا بتشديد اللام: مركبة من حرفين: أن، لا، وتختص ّبالجمل الفعلية الخبرية (1).
5 ـ ألا: بتخفيف اللام: غير مشددة، مركبة من حرفين: الهمزة ولا وتختص بالفعلية (2). وهذه الحروف عند استعمالها في هذا الأسلوب تختص بالفعل، ولا تدخل على غيره ظاهراً أو مُقَدَراً، وهي عندما تكون للتحضيض أو العرض يجب أن تدخل على الفعل المضارع الدال على الاستقبال لفظاً ومعنى وقد تدخل على الفعل الماضي إذا كان معناه مستقبلاً لمعنى المضارع.
وسوف أقوم بدراسة أدوات التحضيض الواردة في كتاب نهج البلاغة وهي:
هَلاَّ
وهي أداة تحضيض تختص بالدخول على الفعل، وتفيد مع المضارع الحث على العمل، ومع الماضي التوبيخ غالباً، وإذا وقع بعدها اسم فهو معمول لفعل
مُضمر يُقدَّر حسب المعنى. وقد وردت (هلاّ) في خطبه وأقواله ـ كرم الله وجهه: خمس مرات هي:
قوله: (فَهَلا احْتَجَجْتُم عَلَيْهِم بأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وَصَّى بِأَنْ يُحْسِنَ إلى مُحْسِنِهِم، ويتجاوزَ عن مُسِيْئِهِم) (3).
وقوله: (ألا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَينِ يشترطانِ لِي دوامَ الْعِزِّ، وبقاء الملك؛ وهما بما تَرَوْنَ من حالِ الفقرِ والذلِّ، فَهَلا أُلْقِىَ عليهما أساورةُ من ذهب إعظاماً للذهب وجمعه واحتقاراً للصوف ولبسه!) (4).
ـــــــــــــــــ
(1) الجنى الداني، المرادي، ص509.
(2) مغني اللبيب / ابن هشام، ص97 ـ 102
(3) نهج البلاغة، عبده، ص122، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، 2/ 261. من كلام له لما انتهت إليه أنباء السقيفة بعد وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال ـ كرم الله وجهه ـ: ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير فقال ـ كرم الله وجهه ـ ذلك.
(4) نهج البلاغة، عبده، ص363. من قول له في تواضع الأنبياء، وذلك حينما دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون ـ عليهما السلام ـ على فرعون، وعليهما مدارع الصوف، وبأيديهما العصي فشرطا له ـ إن أسلم ـ بقاء ملكه، ودوام عزه فقال ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
وقوله: (أَمْ هَلاّ خشينا فتنةَ الإسلامِ يومَ ابن عبد وِدًّ) (1).
وقوله: (وَهَلا بَادَرُوا يومَ العَشِيرَةِ، إِذْ الأَسْنَانُ تَصْطَكُّ، والآذَانُ تستكُّ والدروعُ تُهْتَكُ؟ وهَلا كانت مُبَادرتُها يومَ بدر إذ الأرواحُ في الصعداء ترتقي والجيادُ بالصناديدِ تَرْتَدِي، والأرضُ من دماءِ الأبطالِ تَرْتَوِي) (2).
¥