في تفسير ابن كثير: {ال?ر تِلْكَ آيَاتُ ?لْكِتَابِ ?لْمُبِينِ} أما الكلام على الحروف المقطعة، فقد تقدم في أول سورة البقرة. وقوله: {تِلْكَ ءايَـ?تُ ?لْكِتَـ?بِ} أي: هذه آيات الكتاب، وهو القرآن المبين، أي: الواضح الجلي الذي يفصح عن الأشياء المبهمة، ويفسرها ويبينها {إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها، وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات، على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتدىء إنزاله في أشرف شهور السنة، وهو رمضان، فكمل من كل الوجوه، ولهذا قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ?لْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـ?ذَا ?لْقُرْءَانَ} بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن.

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية ما رواه ابن جرير: حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، حدثنا حكام الرازي عن أيوب، عن عمرو، هو ابن قيس الملائي، عن ابن عباس قال: قالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا؟ فنزلت: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ?لْقَصَصِ}، ورواه من وجه آخر عن عمرو بن قيس مرسلاً. وقال أيضاً: حدثنا محمد بن سعيد القطان، حدثنا عمرو بن محمد، أنبأنا خالد الصفار عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن. قال: فتلاه عليهم زماناً، فقالوا: يارسول الله لو قصصت علينا؟ فأنزل الله عز وجل: {ال?ر تِلْكَ ءايَاتُ ?لْكِتَـ?بِ ?لْمُبِينِ} إلى قوله: {لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ثم تلاه عليهم زماناً، فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا، فأنزل الله عز وجل: {?للَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ?لْحَدِيثِ} [الزمر: 23] الآية، وذكر الحديث، ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن راهويه عن عمرو بن محمد القرشي المنقري به، وروى ابن جرير بسنده عن المسعودي، عن عون بن عبد الله قال: مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مَلَّة فقالوا: يا رسول الله حدثنا، فأنزل الله {?للَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ?لْحَدِيثِ} ثم ملوا ملة، أخرى، فقالوا: يا رسول الله حدثنا فوق الحديث، ودون القرآن، يعنون: القصص، فأنزل الله عز وجل: {ال?ر تِلْكَ ءايَاتُ ?لْكِتَـ?بِ ?لْمُبِينِ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ?لْقَصَصِ} الآية، فأرادوا الحديث، فدلهم على أحسن الحديث، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص.

ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة المشتملة على مدح القرآن، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب، ما رواه الإمام أحمد: حدثنا سريج بن النعمان، أنبأنا هشيم، أنبأنا مجالد عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم قال: فغضب وقال: " أمتهوّكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق، فتكذبونه، أو بباطل فتصدقونه، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيّاً ما وسعه إلا أن يتبعني " وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة، ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن ثابت: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً. قال: فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى، ثم اتبعتموه وتركتموني، لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين " وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير، حدثنا علي بن مُسْهِر عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عرفطة قال: كنت جالساً عند عمر، إذ أتي برجل من عبد القيس، مسكنه بالسوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم. قال: وأنت النازل بالسوس؟ قال: نعم، فضربه بقناة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015