ـ[صدام الفايز]ــــــــ[21 - Mar-2009, صباحاً 08:21]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل مايأتي مجرد نقل
حروف المدّ بين القُدامى و المحدثين
الدكتور عبدالله اللحياني
قبل الخوض في العلاقة التي بين حروف المدّ، والحركات تجدرُ الإشارة إلى مفهوم كلٍّ من: الحرف، والحركة؛ ليُعلم قدرُ التقارب والتباين بينهما.
مفهوم الحرف:
قال الزَّجَّاج: " فأمَّا حروف المعجم فهي أصواتٌ غير متوافقةٍ، و لا مقترنة، و لا دالَّة على معنًى من معاني الأسماء، و الأفعال، والحروف إلا إنها أصل تركيبها ". [1]
ويُفهم من قول الزَّجَّاج ما يلي:
1 _ أن كلَّ ما يُصدره جهاز النطق من أصواتٍ، فإنَّ كلَّ صوت منها يغاير الآخرَ في المخرج، أو في الصِّفة، أو في كليهما يسمى حرفا.
2 _ أنَّ هذه الحروف لا تحمل دلالةً في نفسها و إنمَّا دلالتها بتركيبها مع غيرها.
3 _ أنَّ قضية الأصل هي التي أخرجت الحركات من أن يُطلقَ عليها حروفا.
ويقول القَسطلانيّ: " الحروف جمع حرف، وهو صوتٌ معتمدٌ على مقطع محقَّقٍ " [2]، وهذا التعريف لا يشمل حروفَ المدّ؛ لأنَّها ـ كما يذكر الخليل ـ " لا تقع في مدرجٍ من مدارج اللِّسان، ولا من مدارج الحلق، و لا من مدرج اللَّهاة، إنَّما هي هاوية في الهواء، فلم يكن لها حيِّزٌ تُنسبُ إليه إلا الجوف". [3]
ولهذا زاد التهانوي: " أو مقطعٍ مقدَّرٍ ... ؛ إذ الألف لا معتمدَ له في شيء من أجزاء الفمِ بحيث إنَّه يُقطعُ في ذلك الجزء ". [4]
ويقول ابن يعيش: " الحرف إنَّما هو صوتٌ مقروعٌ في مخرجٍ معلوم ". [5]
ويقول السُّهَيليّ: " الحروف أصوات ". [6]
وحروف العربية الأصلية ـ كما هو معلوم ـ تسعة وعشرون حرفا، منها: ثلاثة صائتة، وهي حروف المدَّ: (الألف، والواو، والياء)، وهي كما يرى ابن جني: " توابع للحركات، ومنتشئة عنها، و أنَّ الحركات أوائلُ لها و أجزاءٌ منها، و أنَّ الألف فتحة مشبعة، و الياء كسرة مشبعة، و الواو ضمَّة مشبعة ". [7]
و أما الباقية ـ إضافة إلى الواو والياء إنْ لم يسبقا بحركة من جنسهما ـ فهي صامتة.
مفهوم الحركة:
قال السُّهيلي: " الحركة عبارة عن تحريك العضو الذي هو الشفتان عند النطق بالصوت ". [8]
وقال في موضع آخرَ عن الضمّ: " صُوَيْت خفيٌّ مقارن للحرف، فإن امتدَّ كان واو، و إن قَصُر كان ضمّة ". [9]
ومن هنا فإنَّ الحركة غيرُ الحرف، و إنَّما هي صُوَيْت مع حركةِ الشفتين يصاحب النطق بالحرف، و إذا كان التغاير بين الحركة والحروف الصامتة أكثر وضوحا، فممَّا لاشك فيه أنَّ مقدارَ التقارب بين حروف المدّ والحركات أقرب، ولهذا " كان متقدمو النحويين يسمُّون الفتحةَ الألف الصغيرة، والكسرة الياء الصغيرة، والضمة الواو الصغيرة، وقد كانوا في ذلك على طريقة مستقيمة ... ، فليست تسمية الحركة حروفا صغارا بأبعدَ في القياس ". [10]
العلاقة بين حروف المد والحركات الثلاث:
يتضح مما سبق أنَّ كلا من الحروف والحركات أصوات يتشكل منها اللفظ العربي، و أنَّ من هذه الأصوات ما هو متَّفِق في المخرج ومتقارب في الصفة، تلك هي حروف المد والحركات، حتى صحَّ تسمية أحدها باسم الآخر مُقيَّدا بالصفة، فـ " حروف المدِّ واللين هي أنفس الحركات إلا أنَّها مُدَّت، وطُوِّل بها الصوت " [11]، فالألف فتحة مشبعة، والفتحة ألف صغيرة، و الياء كسرة مشبعة، و الكسرة ياء صغيرة، و الواو ضمة مشبعة، و الضمة واو صغيرة، ولذلك يقول ابن سينا في كتابة أسباب حدوث الحروف: " و أمَّا الألف المصوتة و أختها الفتحة فأظنُّ أنَّ مخرجها مع إطلاق الهواء سلسا غير مزاحم، والواو المصوتة و أختها الضمة فأظنُّ أنَّ مخرجها مع إطلاق الهواء مع أدنى تضييق للمخرج، و ميل به سلس إلى فوق، وأنَّ الياء المصوتة و أختها الكسرة فأظنُّ أنَّ مخرجها مع إطلاق الهواء من أدنى تضييق للمخرج، و ميل به سلس ‘إلى أسفل ". [12]
ومما يمكن أنَّ يُذكر من أوجه الاشتراك بين الحركات و حروف المدّ عدا ما ذُكرَ من المخرج والصفة:
1_ لا يبتدأ بحركة كما لا يبتدأ بمدّ.
¥