وأنه يبقى عند أخيه وقد زال عن الأخ هذا الإيهام بعد ما تبينت الحال"انتهى.
*عن كعب بن مالك قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة يعني غزوة تبوك غزاها رسول الله صلى الله عليه و سلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجهه الذي يريد. رواه البخاري.
* عن أنسٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: "كَانَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ - رضي الله عنه - يَشتَكِي، فَخَرَجَ أبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أمُّ سُلَيم وَهِيَ أمُّ الصَّبيِّ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إليه العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ منْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَتْ: وَارُوا الصَّبيَّ فَلَمَّا أَصْبحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ، فَقَالَ: (أعَرَّسْتُمُ اللَّيلَةَ؟) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا) ". مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
*وعن سويد بن حنظلة قال: "خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخي فخلى سبيله فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا وحلفت أنه أخي قال صدقت المسلم أخو المسلم" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
*وعن أنس رضي الله عنه: "أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية من البادية فيجهزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه). وكان صلى الله عليه وسلم يحبه وكان رجلا دميما فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال: من هذا؟ أرسلني فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من يشتري هذا العبد؟) فقال: يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لكن عند الله لست بكاسد). أو قال: (أنت عند الله غال) " صححه الألباني في مختصر الشمائل.
*وعن الحسن قال: "أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال:
(يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز). قال: فولت تبكي. فقال:
(أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول: إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارا. عربا أترابا) " حسنه الألباني في مختصر الشمائل.
*عن أنس بن مالك:" أن رجلا استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني حاملك على ولد الناقة فقال يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تلد الإبل إلا النوق" رواه الترمذي وصححه الألباني.
*وعن عمران بن حصين أنه قال: "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب".رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
*"قال عمر – رضي الله عنه-:" أما في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب" رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
الحكمة من إباحة التورية
والحكمة من إباحة التورية أن تكون بديلا عن الكذب عند الحاجة لكون الإنسان لا يمكنه أن يوضح للناس كل ما سألوه عنه وأن يظهر لهم كل ما يخفيه لما يترتب على ذلك من المفسدة عليه أو على غيره.
أمثلة على التورية المباحة
وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ زِيَادٍ، وَقَدْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَكْت الْأَمِيرَ؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ يَأْمُرُ وَيَنْهَى.
فَلَمَّا مَاتَ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ قُلْت ذَلِكَ؟ قَالَ: تَرَكْته يَأْمُرُ بِالصَّبْرِ، وَيَنْهَى عَنْ الْبُكَاءِ وَالْجَزَعِ.
قال النخعي رحمه الله: إذا بلغ الرجل عنك شئ قلته فقل: الله يعلم
ما قلت من ذلك من شئ، فيتوهم السامع النفي، ومقصودك الله يعلم الذي قلته.
وقال النخعي أيضا: لا تقل لابنك: أشتري لك سكرا، بل قل: أرأيت لو اشتريت لك سكرا.
وكان النخعي إذا طلبه رجل قال للجارية: قولي له اطلبه في المسجد.
وقال غيره: خرج أبي في وقت قبل هذا.
وكان الشعبي يخط دائرة ويقول للجارية: ضعي أصبعك فيها وقولي: ليس هو هاهنا.
وكان حماد إذا جاءه من لا يريد الاجتماع به وضع يده على ضرسه ثم قال: ضرسي ضرسي.
وأحضر الثوري إلى مجلس المهدي فأراد أن يقوم فمنع فحلف بالله أنه يعود فترك نعله وخرج ثم رجع فلبسها ولم يعد فقال المهدي: ألم يحلف أنه يعود فقالوا إنه عاد فأخذ نعله.
وأخذ محمد بن يوسف حجراً المدري فقال: العن علياً، فقال: إِن الأمير أمرني أن ألعن علياً محمد بن يوسف، فالعنوه، لعنه الله.
ورويَ أَنَّ مُهَنَّا كَانَ عِنْدَ الإمام أحمد، هُوَ وَالْمَرُّوذِيُّ وَجَمَاعَةٌ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ الْمَرُّوذِيَّ، وَلَمْ يُرِدْ الْمَرُّوذِيُّ أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَوَضَعَ مُهَنَّا أُصْبُعَهُ فِي كَفِّهِ، وَقَالَ: لَيْسَ الْمَرُّوذِيُّ هَاهُنَا، وَمَا يَصْنَعُ الْمَرُّوذِيُّ هَاهُنَا؟ يُرِيدُ: لَيْسَ هُوَ فِي كَفِّهِ.
وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَرُوِيَ أَنَّ مُهَنَّا قَالَ لَهُ: إنِّي أُرِيدُ الْخُرُوجَ - يَعْنِي السَّفَرَ إلَى بَلَدِهِ - وَأُحِبُّ أَنْ تُسْمِعَنِي الْجُزْءَ الْفُلَانِيَّ
فَأَسْمَعَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَلَمْ تَقُلْ إنَّك تُرِيدُ الْخُرُوجَ؟ فَقَالَ لَهُ مُهَنَّا: قُلْت لَك: إنِّي أُرِيدُ الْخُرُوجَ الْآنَ؟ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ.
[هذه الأمثلة تجدها في زاد المسير والمغني والأذكار وإغاثة اللهفان].
نسأل الله تعالى أن يعلمنا من أحكام دينه ما ينفعنا بمنه وكرمه. كتبه غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com