والثاني ان يكون الشاعر آخذاً في معنى وكأنه يعترضه شك أو ظن أنّ راداً يردُّ قوله او سائلا يسأله عن سببه فيعود راجعا إلى ما قدمه فإما أن يؤكده أو يذكر سببه او يزيل الشك عنه. ()

وقال الباقلاني في تعريف الالتفات ((فمتى خرج عن الكلام الأول ثم رجع إليه على وجه يلطف، كان ذلك التفاتا)). ()

24: قال جاء في سورة التوبة 9/ 62 {وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} فلماذا لم يثن الضمير العائد على الاثنين اسم الجلالة ورسوله فيقول ان يرضوهما.

قلت: والجواب ان من أساليب العرب في البيان ان يجتمع شيئان فيجعل الفعل لاحدهما او تنسبه إلى احدهما وهو لهما. ()

وهذا الأسلوب المحبب موجود في القران الكريم وفي كلام العرب أيضا ومنه هذه الآية وقوله تعالى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إليها}. الجمعة 11، وقوله تعالى {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} البقرة 45 وقال تعالى {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} أراد الله اعلم عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد.

وقال الفراء: ((وَحّدَ (يرضوه) ولم يقل يرضوهما لأنّ المعنى والله اعلم بمنزلة قولك ما شاءَ اللهُ وشئت انما يقصد بالمشيئة قصدُ الثاني وقوله ما شاء الله تعظيم لله مقدم قبل الافاعيل كما تقول لعبدك: قد أعتقك الله وأعتقتك وإن شئت أردت: يرضوهما فاكتفيت بواحد كقوله:

نحن بما عندنا وانت بما عنـ دك راضِ والراي مختلفُ

ولم يقل راضون)) ()

فنقول له ولأمثالة أتريد أن تصنع لغة من خيالك المريض فتقول هذا يجوز وهذا لا يجوز أم ماذا؟ وهذا الصليبي الحاقد لم يفعل شيئا سوى انه ذهب الى كتب معاني القرآن واعاريبه والكتب التي تتحدث عن مشكل القرآن فاستخرجها على أنها أخطاء نحوية ولغوية فاثار الشكوك على نفسه وعلى ابناء جلدته وما فطن الى الجمال والحسن في اسلوب القرآن فحاله أسوء من حال المشركين وقت نزول القران، الذين أذعنوا واقروا بجماله ورونقه لكنهم لم يؤمنوا عنادا واستكبارا.

25: قال: جاء في سورة التحريم 66/ 4 {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} الخطاب (كما يقول البيضاوي) موجه لحفصة وعائشة فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل صغت قلوبكما اذ انه ليس للاثنين أكثر من قلبين.

قلت: والجواب أنّ هذا جمع يراد به واحد واثنان ومنه قوله تعالى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} واحد واثنان () فما فوق ومنه قوله {إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً} التوبة 66 والطائفة هنا المقصود به رجل من القوم كان لايمالئهم على اقاويلهم في النبي صلى الله عليه وسلم فسماه الله طائفة وهو واحد ()، وهناك أمثلة كثيرة تدل على هذا الأسلوب في كلام الله سبحانه وتعالى وفي كلام العرب ايضا.

ويزعم هذا الصليبي أنّه وجد خطا آخر في القرآن وبوب له طفل أم أطفال في قوله تعالى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء َ} التوبة 31.

والجواب من جنس ما قبله ايضا جهل أيضا أسلوبا آخر من أساليب العرب في الكلام وهو ان الواحد في بعض الأحيان يراد به جميع () ولهذا أمثلة كثيرة كقوله تعالى {قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} الحجر 68 وقوله تعالى {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الشعراء 16، وقوله تعالى (نخرُجُكُمْ طِفْلاً) الحج 5 وقوله {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} البقرة 285 والتفريق لا يكون الا بين اثنين فصاعدا.

والعرب تقول: فلان كثير الدرهم والدينار يريدون الدراهم والدنانير. ()

وبعد فهذا ما يسرنا الله سبحانه وتعالى في رد هذه الشبهات وان كان بعضها في التهافت بمكان ولكننا ذكرناها والرد عليها حتى لا تروج هذه البضاعة الفاسدة على عامة الناس في زمن نطق فيه الرويبضة، وهو كما عرفه النبي صلى الله عليه وسلم التافه يتكلم بأمر العامة وهذا التافه الاطلس المتحير يريد ان يحاكم أساليب القرآن وأساليب العرب في بيانها ونسي أو تناسى أن القرآن العظيم هو كتاب العربية الأول وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

أ. م. د. محمد خضير مضحي الزوبعي

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015