قال ابن الأنباري: (أنزل الله القرآن كله إلى السماء الدنيا، ثم فرقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جواباً لمستخبر، ويوقف جبريل النبي صلى الله عليه وسلم على موضع الآية والسورة، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف، كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن قدم سورة أو أخرها، فقد أفسد نظم القرآن).

ويبدو أن الخلاف بين الفريقين خلاف لفظي، كما قال الزركشي في البرهان، لأن القائل بأن الترتيب اجتهادي يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم رمز للصحابة بذلك، واستوحوه من قراءته وقوله كما تقدم، ولذلك قال الإمام مالك رحمة الله عليه - وهو من القائلين بأنه اجتهادي-: إنما ألّفُوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم.

فآل الخلاف بين الفريقين إلى أنه هل كان ذلك بتوقيف قولي أو بمجرد إسنادٍ فعلي بحيث يبقى لهم فيه مجال للنظر؟

ومال ابن عطية إلى قول ثالث: هو أن الكثير من السور علم ترتيبه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، كالسبع الطوال والحواميم والمفصل.

وأن ما سوى ذلك يمكن أن يكون فوض الأمر فيه للأمة بعده.

والذي يترجح عندنا أن هذا الترتيب الموجود الآن أو ما هو قريب منه كان معهوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

ومما يدل على ذلك ما أخرجه أحمد عن أوس بن أبي أوس عن حذيفة الثقفي قال: كنت في الوفد الذين أتوا رسول صلى الله عليه وسلم أسلموا من ثقيف ... الحديث وفيه: فمكث عنا ليلة لم يأتنا حتى طال علينا ذلك بعد العشاء، قال: قلنا ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: "طرأ عليّ حزبي من القرآن، فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه".

قال أوس: فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تحزبون القرآن قالوا: تحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من ق حتى تختم.

والثلاث هي: البقرة وآل عمران والنساء.

والخمس: المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة.

والسبع: يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل، وهكذا….

والله أعلم.

ـ[أحمد السكندرى]ــــــــ[05 - عز وجلec-2010, مساء 01:12]ـ

و هذا الرابط مفيد جدا:

http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=1010

طور بواسطة نورين ميديا © 2015