ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[06 - عز وجلec-2007, مساء 05:10]ـ
أسأل الله أن يحفظكم.
للفائدة: ينظر مقدِّمات ابن سلام الجمحي (ت 232 هـ) لكتابه: "طبقات الشعراء" مهم، و"ابن سلام وطبقات الشعراء" للدكتور منير سلطان، و"النقد المنهجي عند العرب" للدكتور مندور.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 - عز وجلec-2007, مساء 05:25]ـ
جزاك الله خيرا، وهذا شيء من كلامه:
(( .... وفى الشعر مصنوع مفتعل موضوع كثير لا خير فيه ولا حجة فى عربية ولا أدب يستفاد ولا معنى يستخرج ولا مثل يضرب ولا مديح رائع ولا هجاء مقذع ولا فخر معجب ولا نسيب مستطرف، وقد تداوله قوم من كتاب إلى كتاب لم يأخذوه عن أهل البادية، ولم يعرضوه على العلماء، وليس لأحد إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شئ منه أن يقبل من صحيفة ولا يروى عن صحفى، وقد اختلف العلماء بعدُ في بعض الشعر كما اختلفت في سائر الأشياء، فأما ما اتفقوا عليه فليس لأحد أن يخرج منه. وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهلُ العلم كسائر أصناف العلم والصناعات؛ منها ما تثقفه العين، ومنها ما تثقفه الأذن، ومنها ما تثقفه اليد، ومنها ما يثقفه اللسان؛ من ذلك اللؤلؤ والياقوت لا تعرفه بصفة ولا وزن دون المعاينة ممن يبصره، ومن ذلك الجهبذة بالدينار والدرهم لا تعرف جودتهما بلون ولا مس ولا طراز ولا وسم ولا صفة، ويعرفه الناقد عند المعاينة فيعرف بهرجها وزائفها وستوقها ومفرغها، ومنه البصر بغريب النخل والبصر بأنواع المتاع وضروبه واختلاف بلاده مع تشابه لونه ومسه وذرعه حتى يضاف كل صنف إلى بلده الذي خرج منه، وكذلك بصر الرقيق فتوصف الجارية فيقال ناصعة اللون جيدة الشطب نقية الثغر حسنة العين والأنف جيدة النهود ظريفة اللسان واردة الشعر فتكون في هذه الصفة بمائة دينار وبمائتى دينار، وتكون أخرى بألف دينار وأكثر، ولا يجد واصفها مزيدا على هذه الصفة، وتوصف الدابة فيقال: خفيف العنان لين الظهر شديد الحافر فتى السن نقى من العيوب فيكون بخمسين دينارا أو نحوها وتكون أخرى بمائتى دينار وأكثر، وتكون هذه صفتها، ويقال للرجل والمرأة فى القراءة والغناء إنه لندي الحلق طل الصوت طويل النفس مصيب للحن، ويوصف الآخر بهذه الصفة وبينهما بون بعيد، يعرف ذلك العلماء عند المعاينة والاستماع له بلا صفة ينتهى إليها ولا علم يوقف عليه، وأن كثرة المدارسة لتعدي علي العلم به فكذلك الشعر يعلمه أهلُ العلم به؛ قال محمد قال خلاد بن يزيد الباهلى لخلف بن حيان أبى محرز -وكان خلاد حسن العلم بالشعر يرويه ويقوله-: بأى شئ ترد هذه الأشعار التي تروى؟ قال له: هل فيها ما تعلم أنت أنه مصنوع لا خير فيه؟ قال: نعم، قال: أفتعلم في الناس من هو أعلم بالشعر منك؟ قال: نعم، قال: فلا تنكر أن يعلموا من ذلك أكثر مما تعلمه أنت، وقال قائل لخلف: إذا سمعتُ أنا بالشعر أستحسنه فما أبالى ما قلتَ أنت فيه وأصحابك، قال: إذا أخذت درهمًا فاستحسنته، فقال لك الصراف: إنه رديء فهل ينفعك استحسانك إياه؟!))
قلت: وهذا المنهج قريب جدا من منهج المحدثين النقاد المتقدمين.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 - عز وجلec-2007, مساء 05:34]ـ
وليس معنى القرائن أن الأمر راجع إلى الأهواء والشهوات، وإنما معناه أن تفاصيل المعرفة والترجيح من الكثرة بحيث يصعب وضعها في ضوابط وقواعد محصورة؛ لأن تفصيلها يطول.
وهذا مثال للقرائن ذكره ابن سلام الجمحي أيضا:
(( .... أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا الشعر؟ ومن أداه منذ آلاف من السنين؟ والله تبارك وتعالى يقول: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا} أى لا بقية لهم، وقال أيضا: {وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى}، وقال فى عاد: {فهل ترى لهم من باقية}، وقال: {وقرونا بين ذلك كثيرا} .... )) إلخ.
قلت: فهذه قرائن يحكم بها الناقد على أن الأشعار المنسوبة إلى عاد وثمود مكذوبة موضوعة.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 - عز وجلec-2007, مساء 05:54]ـ
وأعطيكم مثالا آخر من واقع حياتنا المعاصرة.
فإنك إذا قرأت مقالا لأحد المعاصرين لا يصعب عليك في معظم الأحيان أن تعرف أن كاتبه ليس من القدماء، لأن الكلام عليه سيما المعاصرين، وسيما التعبيرات الجديدة، وسيما الكلمات المستحدثة.
فهذه الكلمات مثلا: (عولمة) (مُنَظِّر) (أسلمة) (جمهورية) (مخابرات) .... إلخ إلخ مقارِنة لعصرنا هذا لا تنتمي لسواه.
ولذلك فالمحقق الجيد يستطيع أن يعرف العبارات الدخيلة على كلام المؤلف من خبرته بأسلوبه.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[06 - عز وجلec-2007, مساء 05:57]ـ
كلام جميل
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[06 - عز وجلec-2007, مساء 06:53]ـ
سبحان الله ما أشبه العلوم بعضها ببعض
وصدق من قال: إجماع أهل الفن حجة على غيرهم
وصدق من قال: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب وإنما يعرف هذه العجائب أهل الفن
وصدق من قال: يرجع في كل فن إلى أهله
جزاكم الله خيرا ونفعنا بفوائدكم
¥