لغير من بيٌنهم الله سبحانه في الآية السابقة من سورة النور، ومَن زَعَمَ أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النجعة وخالَف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)، فإنه لا يجوز أن يُقال أن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون مَن بعدهم، ولاشكٌ أن مَن بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة رضي الله عنهم،لِمَا بينهم من الفَرْق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق، فإن الصحابة رضي الله عنهم رجالاً ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم المخَرٌج فيالصحيحين،، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمَن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة وأشد افتقاراً إليها ممٌن قبلهم؛ ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسٌنُة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأُمٌة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص، فهي عامة لجميع الأُمٌة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة؛ لأنه سبحانه بعث رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال عزوجل: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)،وقال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ) وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنْزل لهم ولمَن بعدهم ممٌن يبلغه كتاب اللهكما قال تعالى: (هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)، وقال عز وجل: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) الآية، وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسٌنٌة وعلماء الأُمٌة إلى التحذير منه حذراً من فتنته، بل كان النساء في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال فيصفوف متأخرة عن الرجال، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: ((خير صفوف الرجال أوٌَلها وشرٌها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرٌها أوٌَلها)) حذراً من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء، وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يُؤْمَرون بالتريٌث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعاً رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى، فكيف بحال مَن بعدهم، وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق و يؤمرون بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضاً عند السير في الطريق، وأَمَر الله سبحانه نساء المؤمنين أن يُدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذراً من الفتنة بهن،ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير مَن سمٌى الله سبحانه في كتابه العظيم حسماً لأسباب الفتنة وترغيباً في أسباب والبُعد عن مظاهر الفساد والاختلاط، فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء – هداه الله وألهمه رشده – بعد هذا كله، أن يدعو إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد، وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة،ومعلوم أن الفرق عظيم،والبَون شاسع، لمَن عقل عن الله أمره ونهيه،وعرف حكمته سبحانه في تشريعه لعباده، وما بٌين في كتابه العظيم من الأحكام في شأن الرجال والنساء، وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبة بحذاء الطالب في كراسي الدراسة مثل جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال، هذا لا يقوله مَن له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما يقول،هذا لو سلمنا وجود الحجاب الشرعي، فكيف إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدراسة مع التبرٌج وإظهار المحاسن والنظرات الفاتنة والأحاديث التي تجر إلى الفتنة،فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله،قال الله عز وجل: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015