ـ[أبو يحيى الشامي]ــــــــ[30 - Nov-2010, صباحاً 01:06]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم هيىء لنا الخير، واعزم لنا على الرشد، وآتنا من لدنك رحمة، واكتب لنا السلامة في الرأي، وجنبنا فتنة الشيطان أن يقوى يها فنضعف أو نضعف لها فيقوى .. آمين.
الحمدلله الذي خلق من الماء بشرا، وجعله نسباَ وصهراَ، والصلاة والسلام على خاتم الرسل القائل (إن أحقّ الشرط أن يوفى يه ما استحللتم به الفروج) وعلى آله وصحبة أجمعين ..
أما بعد: فكثيرا ما يحلو لنا - معشر الرجال – الحديث عن النساء –هذه الفتنة العظيمة – التي حذر منها معلم الناس الخير محمد صلى الله عليه وسلم بقوله (ما تركت فتنة أضرّ على الرجال من النساء)، وتتصدر هذه الأحاديث خاصة لما نبتعد عن أجواء المنزل والعمل .. نستلقي في ردهات الاستراحات هنا وهناك فنتحدث في –المنوع المرغوب! - بعرف العوام – زواج المسيار ..
وعندها ننقسم في آرائنا أقساماَ ثلاثة:
قسم مؤيد على الاطلاق .. وآخر معارض مانع .. وثالث يقف على الحياد قلبه مع المؤيدين يصرخ! وعقله مع المعارضين يسرح!
فأردت الوقوف في كلماتي هذه التي عنونتها [المسار في زواج المسيار] عند أمور:
تعريف المسيار لغة واصطلاحاَ
شرح صورته وكيفيته وبيان محل النزاع والخلاف
مناقشة أدلة كل فريق بعد عرضها بشكل مبسط
بعض الاضرار المترتبة على هكذا زيجات
بعض الفوائد المترتبة على هكذا زيجات
حكمه الشرعيّ عند المانع والمؤيد ومن قال بالكراهة
الخلاصة المتوصل اليها
ما ذهبت اليه - الخاتمة –
رب يسر يا كريم ..
* المسيار لغة: من السير وفي المُضيّ في الارض، يقال سار يسير مسيراً وتسايراً وسيرورةً اذا ذهب. تقول العرب: سار القوم يسيرون سيراً ومسيراً اذا امتد بهم السير في جهة توجهوا لها، والتساير تفاعل من السير: ومسيار صيغة مبالغة يوصف بها الرجل الكثير السير تقول رجل مسيار وسيار. - لسان العرب –
* المسيار اصطلاحا: لم اقف له على معنى اصطلاحيّ كون هذه اللفظة مستحدثة لا أصل لها – من الناحية الشرعية الفقهية – وهذا ان الزواج في الاسلام كلٌ واحد لا يتجزأ .. وأطلقت هذه التسمية العامة لتميزه عن الزواج الأصلي الزواج المعروف، واختاروا له هذا الاسم لأن الزوج يسير الى زوجته في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها .. وبإمكاننا تعريفه – كما سيأتي معنا – أنه زواج مستوف كل الشروط والأركان تتنازل فيه الزوجة عن شيء من حقوقها كالنفقة أو المبيت ..
* صورة زواج المسيار:
يستوفي العقد جميع شروط وأركان الزواج كالقبول والايجاب والشهود والولي والمهر .. ولا يُذكر فيه شرط تنازل المرأة –مثلاُ- عن النفقة أو المبيت او السكن ..
بل يكون هذا التفاهم خارج صلب العقد – وهنا وجدت مكمن الخلاف – على ثلاثة أقوال:
> قال أهل الظاهر ببطلان الشرط، قال ابن حزم في المحلى (كل شرط خالف مقتضى العقد فإن كان في العقد أبطله وإن كان خارج العقد بطل الشرط) ودليل من قال بهذا الرأي قوله صلى الله عليه وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل).
> صح العقد وبطل الشرط، وهو معتمد في مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة، قال الثوري: ودليلهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل).
> صح العقد وجاز الشرط وهو رواية عند الحنابلة إذ رويّ عن الامام أحمد قوله (يجب الوفاء بالشرط مطلقا) وهو قول الأوزاعي وبه قال أصحاب الرأي –الحنفية- وفي مصنف ابن أبي الشيبة عن الحسن البصريّ وعطاء بن ابي رباح أنهما لا يريان بأساً بتزويج النهاريات – وكانوا يسمون مثل هذه الزيجات بالنهاريات لأن اصحابها كانوا يأتون نسائهم نهاراً متى أرادوا ويبيتون عند غيرهن .. وهذا واضح بتجويزهم تنازل المراة عن حقها في المبيت، والعمدة في ذلك ما ثبت في السنة من أن أم المؤمنين سودة وهبت يومها لعائشة رضي الله عنهما فكان رسول الله يقسم لعائشة يومين .. ووجه الاستدلال ظاهرٌ وهو جواز تنازل المرأة عن شيء من حقوقها ولو لم يكن جائزاً لأنكره صلى الله عليه وسلم وما قبله وما أسقط يوم سودة ولا أثبت يوماً زائداً لعائشة رضي الله عن أمهات المؤمنين .. وهذا فيه أيضاً جواز عدم العدل بين النساء في المبيت إن قبلن ..
¥