هذا هو الشرط الأول: وهو أن يكون المستحق للقصاص مكلفاً وإن اقتص مما لا تحمل العاقلة ديته؟ العاقلة لا تحمل دية العبد, لأن العبد ملك لسيده والعاقلة لا تحمل أقل من ثلث الدية، في القصاص، والعاقلة لا تحمل القتل العمد، وإنما تحمل القتل الخطأ ثلاثة أشياء هي لا تحملها العاقلة، ولا تحمل الصلح إذا اصطلح على مبلغ معين مع أهل القتيل لا تحمله العاقلة، الإقرار والصلح حتى وإن قال: لأنه هو الذي اصطلح واتفق على ذلك يتحمله.

(قال: الْشَّرْط الْثَّانِي اتِّفَاق الْمُسْتَحِقِّيْن لَه أَي الْقِصَاص عَلَى اسْتِيْفَائِه لِأَن الِاسْتِيْفَاء حَقٌ مُشْتَرَكٌ لَا يُمْكِن تَبْعِيْضِه فَلَم يَجُز لِأَحَدٍ الْتَصَرُّف فِيْه بِغَيْر إِذَن شَرِيْكِه وَلَيْس لِبَعْضِهم اسْتِيْفَائِه دُوْن بَعْض لِأَنَّه يَكُوْن مُسْتَوْفِيا لَحَق غَيْرِه بِغَيْر إِذَنٍ وَلَا وِلَايَة له عَلَيْه أَشْبَه الْدِّيْن فَإِن فَعَل بِأَن اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا الْقِصَاص بِدُوْن إِذْن الْبَاقِي فَلَا قِصَاص عَلَيْه لِأَنَّه قَتَل نَفْسا يَسْتَحِق بَعْضَهَا فَلَم يَجِب قَتَلَه بِهَا لِأَن الْنَّفْس لَا تُؤْخَذ بِبَعْض نَفْس وَلِأَنَّه مُشَارِك فِي اسْتِحْقَاق الْقَتْل، فَلَم يَجَب عَلَيْه قَوَدٌ كَالْشَّرِيْك فِي الْجَارِيَة إِذَا وَطِئَهَا وَيُفَارِق إِذا قَتْل الْجَمَاعَة وَاحِدَا، فَإِنَّا لَم نُوْجِب الْقِصَاص بِقَتْل بَعْض الْنَّفْس).

لو أن رجلاً قُتل وله خمسة أبناء كلهم يطالبون بالقصاص فقام أحدهم وقتل القاتل، إذن هذا الذي قتل لا ينبغي أن يستفي القصاص وحده، الجميع الذين هم مطالبون بالقصاص، في هذه الحالة قال: فإن فعل فقد استوفى حقه، وفي هذه الحالة سقط القصاص، لأن العين التي يُقتص منها قُتلت بيد من له الحق، ماذا نصنع في هذه الحالة؟

إذا كانوا كلهم متفقين على القصاص فقد تم القصاص، وإذا كان بعضهم يريد العفو فحين إذن لهم أن يرجعوا إلى حقهم في الدية يقول أنت أسقطت حقنا في الدية ماذا نصنع بقتل الرجل، كنا نريد أن نأخذ شيئاً، فحينئذ تُقسم ديته وتسقط دية القاتل والباقي من الدية يتحملها من ماله لبقية الورثة المستحقين للقصاص.

(قال: وَلِشُرَكَائِه فِي تَرِكَة الْجَانِي حَقِّهِم مِن الْدِّيَة لِأَن حَقَّهم مِن الْقِصَاص سَقَط بِغَيْر اخْتِيَارِهِم فَأَشْبَه مَا لو َمَات الْقَاتِل فَتَرْجِع وَرَثَة الْجَانِي عَلَى الْمُقْتَص بِمَا فَوْق حَقِّهِ مِن الْدِّيَة فَلَو كَان الْجَانِي أَقُل دِيَة مَن قَاتِلَه مِثْل امْرَأَة قَتَلَت رَجُلا لَه ابْنَان فَقَتَلَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْر إِذْن الْابْن الْآَخِر فَّلِلْآَخَر نِصْف دِيَة أَبِيْه فِي تَرِكَة الْمَرْأَة الَّتِي قَتَلَتْه كَمَا لَو مَاتَت وَيَرْجِع وَرِثَتْهَا بِنِصْف دِيَتِهَا عَلَى قَاتَلَهَا لِأَنَّه لَا يَسْتَحِق سوي نِصْف دَمِهَا وَقَد اسْتَوْفَاه وَهُو أَي نِصْف دِيَة الْمَرْأَة رُبْع دِيَة الْرَّجُل، لِأَن دِيَة الْمَرْأَة نِصْف دِيَة الْرَّجُل كَمَا يَأْتِي، وَإِن عَفَا بَعْضُهُم أَي الْوَرَثَة عَن الْقِصَاص وَكَان مِمَّن يَصِح عَفْوُه بِأَن كَان مُكَلَّفا وَلَو كَان الْعَفْو إِلَى الْدِّيَة سَقَط الْقِصَاص رُوِي عَن عُمَر وَعَلِي بِأَن الْقِصَاص حَق مُشْتَرَكٌ بَيْن الْوَرَثَة لَا يَتَبَعَّض مَبْنَاه عَلَى الْدَّرْء وَالْإِسْقَاط فَإِذَا أَسْقَط بَعْضُهُم حَقَّه سَار إِلَى الْبَاقِي كَالْعِتْق وَإِن كَان الْعَافِي عَن الْقِصَاص زَوْجا أَو زَوْجَة لِقَوْل «زَيْد بْن وَهْب إِن عُمَر أُوْتِي بِرَجُل قَتَل قَتِيْلا فَجَاء وَرَثَة الْمَقْتُوْل لِيَقْتُلُوْه فَقَالَت امْرَأَة الْمَقْتُوْل وَهِي أُخْت الْقَاتِل: عَفَوْت عَن حَقِّي، فَقَال عُمَر الْلَّه أَكْبَر عَتَق الْقَتِيل» [رَوَاه أَبُو دَاوُد] لِأَن مَن وَرِث الْمَال وَرِث الْقَادَة كَمَا يَأْتِي).هذا الأثر في إسناده ضعف لكن حسن بشواهده والمحقق يقول: لم يجده في أبي داود وأنا بحثت عنه سريعًا فلم أجده أيضًا في أبي داود.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015