مدخل إلى علم مقاصد الشريعة

ـ[رشيد الزات]ــــــــ[30 - Oct-2010, مساء 04:36]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريف المقاصد وأهميتها:

أبت حكمة الباري جل وعلا أن تكون شرائعه خالية من مقاصد وحِكم تراعي حاجة العباد ومصالحهم في دينهم ودنياهم، ولولا ذلك، لكانت لعبا وعبثا تعالى الله عن ذلك.

فهذه الشريعة محكمة معصومة "ليست تكاليفها موضوعة حيثما اتفق لمجرد إدخال الناس تحت سلطة الدين، بل وضعت لتحقيق مقاصد الشارع في قيام مصالحهم في الدين والدنيا معاً .. وتحقيق هذه المقاصد، وتحري بسطها، واستقصاء تفاريعها، واستثمارها من استقراء موارد الشريعة فيها؛ هو معرفة سر التشريع، وعلم ما لا بد منه لمن يحاول استنباط الأحكام الشريعة من أدلتها التفصيلية .. فلا يكفي النظر في هذه الأدلة الجزئية دون النظر إلى كليات الشريعة، وإلا لتضاربت بين يديه الجزئيات، وعارض بعضها بعضا في ظاهر الأمر، إذا لم يكن بيده ميزان مقاصد الشارع وإلى هذا أشار الغزالي فيما نقله الشافعي: (ويلاحظ القواعد الكلية أولا، ويقدمها على الجزئيات) ". [1] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn1)

لذا "فإن الله سبحانه إنما أوجب الواجبات وحرم المحرمات لما تضمن ذلك من المصالح لخلقه ودفع المفاسد عنهم". [2] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn2) " فالمحرمات قسمان: مفاسد، وذرائع موصلة إليها مطلوبة الإعدام كما أن المفاسد مطلوبة الإعدام. والقربات نوعان: مصالح للعباد وذرائع موصلة إليها". [3] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn3)

وعليه فإن استقراء أدلة السنة والكتاب يوجب لنا اليقين بأن أحكام الشريعة الإسلامية منوطة بحكم وعلل راجعة للصلاح العام للمجتمع والأفراد. والنصوص قد تبين تلك المصالح المترتبة على الحكم، وقد لا تبينها فتبقى مصلحة خفية قد يدركها المجتهدون، وقد لا يدركونها لشدة خفائها كعدد الركعات ومقادير الحدود .. لكن يجب أن نعتقد أنها لحكم ومصالح.

المقاصد جمع مقصد، فهو مصدر ميمي من قَصد، أي ما قصدت الشريعة من وراء أحكامها، أي الغاية من الشريعة، ويمكن تقسيمه إلى عامة، وخاصة، فالعامة هي الأهداف العامة التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها في حياة الناس، أو "المعاني والحِكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها" [4] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn4)، وتلك الأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها [5] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn5).

واقترح بعض المعاصرين تسميته باسم علم اقتصاد الشريعة؛ "لأنه يستثمر فيما وضع له: معرفة غايات جنس الأحكام، وحِكمها، ومقاصدها، ووظيفتها، وما تهدي إليه، وتدل عليه من حفظ نظام العالم، وتحقيق مصالح العباد في الدارين، وذلك في جنس التشريع العام". [6] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn6)

إثبات المقاصد:

"اختلف المتكلمون في أفعال الله تعالى وأحكامه: هل يصح أن تعلل بالأغراض والمقاصد؟

فذهب الأشاعرة إلى إنكار ذلك، ومما احتجوا به: قوله تعالى:] لا يسأل عما يفعل [ولو كانت أحكامه تعلل بالمقاصد، لجاز للعبد أن يسأل: لِمَ فعل كذا ولم يفعل كذا؟ .. وذهب الماتريدية والحنابلة والمعتزلة إلى أن أفعاله تعالى وأحكامه معللة بالحِكم والغايات، ومما استدلوا به: النصوص الدالة على تعليل أفعاله تعالى وأحكامه، وهي من الكثرة في الكتاب والسنة بحيث يتعذر إحصاؤها .. وأيضا بأن أفعاله لو كانت غير معللة لكانت لهوا وعبثا، وهو منزه عن ذلك عز وجل، قال تعالى:] وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين [ .. وقالوا: أما قوله تعالى:] لا يسأل عما يفعل [فمعناه أنه ليس هناك قوة أعلى من قوته تحاسبه على عمله .. " [7] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn7)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015