المسألة تكون أشد إشكالاً عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبد الحق الإمام أبا المعالي عنها فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم عنها عظيم في الدين قال: وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني، وقال: لم يصرح القوم بالكفر وإنما قالوا أقوالاً تؤدي إلى الكفر، وقال ابن الهمام، وابن عابدين من علماء الحنفية: يجب أن يحتاط في عدم تكفير المسلم، حتى قالوا إذا كان في المسألة وجوه كثيرة توجب التكفير ووجه واحد يمنعه، على المفتي أن يميل إليه، فهذه الأصول كلها تشهد على أن الذنوب لا يكفر بها أحد وهذا يبين لك أن قوله صلى الله عليه وسلم: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما أنه ليس على ظاهره، وأن المعنى فيه النهي عن أن يقول أحد لأخيه كافر أو يا كافر قيل لجابر بن عبد الله يا أبا محمد هل كنتم تسمون شيئاً من الذنوب كفراً أو شركاً أو نفاقاً قال معاذ الله ولكنا نقول مؤمنين مذنبين روي ذلك عن جابر من وجوه ومن حديث الأعمش عن أبي سفيان قال قلت لجابر أكنتم تقولون لأحد من أهل القبلة كافر قال لا قلت فمشرك قال معاذ الله وفزع وقد قال جماعة من أهل العلم: في قول الله عز وجل ? ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ?، هو قول الرجل لأخيه يا كافر يا فاسق وهذا موافق لهذا الحديث فالقرآن والسنة ينهيان عن تفسيق المسلم وتكفيره ببيان لا إشكال فيه، ومن جهة النظر الصحيح الذي لا مدفع له أن كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع من المسلمين ثم أذنب ذنباً أو تأول تأويلاً فاختلفوا بعد في خروجه من الإسلام لم يكن لاختلافهم بعد إجماعهم معنًى يوجب حجة ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر أو سنة ثابتة لا معارض لها، وقد اتفق أهل السنة والجماعة وهم أهل الفقه والأثر على أن أحداً لا يخرجه ذنبه وإن عظم من الإسلام وخالفهم أهل البدع فالواجب في النظر أن لا يكفر إلا إن اتفق الجميع على تكفيره أوقام على تكفيره دليل لا مدفع له من كتاب أوسنة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم فقد باء بها أي قد احتمل الذنب في ذلك القول أحدهما قال الخليل بن أحمد رحمه الله باء بذنبه أي احتمله ومثله قوله عز وجل ? وباءوا بغضب من الله ?، وقوله ? فقد احتمل بهتاناً وإثما مبيناً ?:المعنى في قوله: فقد باء بها أحدهما يريد أن المقول له يا كافر إن كان كذلك فقد احتمل ذنبه ولا شيء على القائل له ذلك لصدقه في قوله فإن لم يكن كذلك فقد باء القائل بذنب كبير وإثم عظيم واحتمله بقوله ذلك وهذا غاية في التحذير من هذا القول والنهي عن أن يقال لأحد من أهل القبلة يا كافر، ومعذرة عن الإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[ aborazan] ــــــــ[24 - Jan-2007, صباحاً 11:21]ـ

جزيت خيرا عدد رمل أخي المفضال أبي عبد الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015