ورواه ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: «أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليصدقهم فتلقوه بالهدية، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني المصطلق جمعوا لك ليقاتلونك» فأنزل الله عز وجل (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). تفسير مجاهد (1597)
وهذا على انه مرسل فهو ضعيف كذلك.
ورقاء لم يسمع" التفسير" كله من ابن أَبي نجيح، فإن بعضه عرض.
قال أحمد: ورقاء يصحف في غير حرف، وضعفه في التفسير.
وليس هذا مني تضعيف لتفسير مجاهد، وإنما يقبل من تفسيره ما لم يظهر نكارته، وهذا منكر كما رأيت.
ورواه إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن هلال الوزان، عن ابن أبي ليلى، إن جاءكم فاسق بنبأ، قال: «نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط» جزء يحيى بن معين (129) والطبري في التفسير ()
وهذا على إرساله، فهو منكر: وهلال بن أبي حميد وغن كان لا بأس به، لكنه ليس بالمعروف جدا في ابن أبي ليلى، ولم يروه أصحاب بن أبي ليلى المعروفون به، كعيسى ومجاهد وعمرو بن ميمون والمنهال بن عمرو، وانت ترى أن مجاهدا ممن روى عنه، وهذا يردك إلى أن رواية مجاهد المتقدمة إنما هي عن ابن أبي ليلى في الأصل، فالرواية واحدة أصلا، فلا يقال هذان مرسلان يعضد بعضهما بعض، فإنهم اشترطوا في قبول المراسيل أن لا يكون المخرج واحدا.
محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، تفسير الطبري - (22/ 288)
وهذا مع إرساله فهو معل برواية ابن اسحاق.
ورواه أبن ثور، عن معمر، عن قتادة نحوه. تفسير الطبري - (22/ 288)
وهذا مرسل، ومراسيل قتادة من شر المراسيل وأضعفها، فإنه والحسن يروون عن كل ضرب، بل لا يرسلون إلا عن الضعفاء، ولو كان لهم به إسناد متصل لصاحوا به، فإنهم لا يرسلون، إلا لضعف من سمعوا منه.
وهذه المراسيل هي أقوى ما في هذا الخبر وهي كما ترى، والخبر لا يصح إلا مرسلا، على ضعفها، والمرسل لو صح إلى من أرسله، فهو ضعيف، وقال مسلم: المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم ضعيف.
وقد قال ابن حجر: قد وجد من المراسيل ما سقط منه سبعة رواة، وهذه قاصمة ظهر للمحتجين بالمرسل.
وليس هذا موضع تحقيق الاحتجاج بالمرسل، وشروطه، وإنما المقصد أن المرسل ضعيف إلا أن يكون من رواية كبار التابعين ممن قبلت مراسيله وليس مما استنكر عليه ما رواه مرسلا، كمراسيل ابن المسيب وإبراهيم النخعي، وأضرابهم.
وبالجملة، فالحديث لو كان ثابتا ما أرسل ومثله يستفيض، فيلزم أن ينتشر فيرويه جمع، فإنها ليست واقعة حال، لا يلزم منها الانتشار.
ومن دلائل نكارته، أن الوليد بن عقبة كان صغيرا في أواخر وفاة رسول الله وانه اتي به يوم الفتح ليدعوا له النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن أن يكون من بعث مصدقاً للزكاة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح صبياًن فتدبر هذا والزمه، فإنه لو لم يكن ما يرد الخبر إلا هذا فبحسبه، فكيف وقد بينا لك حال الأسانيد.
وبه تعرف وهم من قواه ممن ذكرنا لك ممن تقدم، وتعرف وهم ابن عبد البر في نقل إجماع المفسرين على أن سبب نزولها في الوليد بن عقبة، وأن هذا الإجماع منقوض غير ثابت ولا مستقر.
هذا؛ وهذه الروايات لا تصلح لإثبات تهمة الفسق على صحابي وجرح خير هذه الأمة؟ فلم يثبت بحمد الله من هذه الروايات شيء ألبتة، والإجماع بحمد الله منعقد على عدالة الصحابة، ليس فيهم فاسق، ويكفي تعديل الله لهم في كتابه، فليس بعد تعديل الله لهم يقبل فيهم قول من سواه سبحانه وتعالى، ولا بعد ثبوت النقل عن الله بتعديلهم، يقبل نقل في جرحهم أو الغض منهم.
فائدة: قال الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله: والآن أقولها لوجه الله صريحة ومدوية إن الوليد لو كان من رجال التاريخ الأوربي كالقديس لويس الذي أسرناه في دار ابن لقمان بالمنصورة، لعدوه قديساً، لأن لويس التاسع لم يحسن إلى فرنسا كإحسان الوليد بن عقبة إلى أمته ولم يفتح للنصرانية كفتح الوليد للإسلام.
والعجب لأمة تسئ إلى أبطالها وتشوه جمال تاريخها وتهدم أمجادها كما يفعل الأشرار منا، ثم ينتشر كيد هؤلاء الأشرار حتى يظن الأخيار أنه هو الحق. اهـ
ربنا اجعلنا ممن يذب عن أصحاب محمد صلى الله عليه وعليهم وسلم جميعا، واحشرنا معهم في مقعد صدق عندك.
والحمد لله رب العالمين.
وكتب
أبو علي بن علي
العلوي
ملاحظة: أرجو المعذرة فإني كتب هذا في عجالة من أمري، والله أسأل أن يغفر لي تقصيري.
ـ[أحمد السكندرى]ــــــــ[27 - عز وجلec-2010, مساء 07:01]ـ
جزاكم الله خيرا، و بارك في علمك
أخرجه ابن أبي عاصم في الأفراد (2335)، والطبراني في الكبير (13/ 6 - 7).
أخرجه أحمد (4/ 279)، وابن أبي عاصم في "الأفراد" (4/ 322/2353)، والطبراني في "الكبير" (3/ 310 - 311)
معذرة أخي الكريم، فقد استشكل لدي وجود كتاب لابن أبي عاصم يسمى ب"الأفراد"، فهلا وضعت لي رابطا أو تعريفا حوله، و جزاكم الله خيرا.